كتاب أصول علم العربية في المدينة

4- مسلم بن جندب الهذليّ (106 هـ)
وهو قارئ مُجيد وقاص مشهور من أهل المدينة.
قال الجزيريّ: "وكان من فصحاء أهل زمانه، وقال عمر بن عبد العزيز: من سرّه أن يقرأ القرآن غضاً فليقرأه على قراءة مسلم بن جندب"1.
ولمسلم عناية باللغة والنحو جعلت بعض علماء الطبقات يصفه بأنه نحويّ، ومن هؤلاء القفطيّ الذي ذكر أن مسلم بن جندب يعدّ من النحويين2.
وكان علماء المدينة يرجعون إليه في مشكلات اللُّغة وتفسير الغريب، ولاسيما القرآن، قال الجزيريّ: "وقال ابن وهب: حدثني نافع، قال: سألت مسلم بن جندب عن قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} 3 قال: إلى غاية، فسألته عن {رِدْءاً يُصَدِّقُنِي} 4 فقال: الردء: "الزيادة"5.
وكان لمسلم بن جندب أثر بالغ في قراء المدينة بعامة، فهو قدوتهم في اللغة، فقد روى الإمام الذهبي ما نصه: "قال الحلواني عن قالون، قال: كان أهل المدينة لا يهمزون، حتى همز ابن جندب فهمزوا {مُسْتَهْزِءون} 6 و {يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} 7.
وهذا يدل على ما بلغه ابن جندب من مكانة رفيعة في اللُّغة والقراءة.
__________
1 غاية النهاية 2/297.
2 ينظر: إنباه الرواة 3/261.
3 سورة المعارج: الآية 43.
4 سورة القصص: الآية 34.
5 غاية النهاية 2/297، وينظر: معرفة القراء الكبار 66.
6 سورة البقرة: الآية 14.
7 معرفة القراء الكبار 66، والآية في سورة البقرة: الآية 15.

الصفحة 322