كتاب أصول علم العربية في المدينة

وقرأ ابن هرمز الآية بنصب (أفحكمَ) وهي قراءة الجمهور1، وقال: "لا أعرف في العربية: أفحكمُ"2 فدل هذا على سعة إطلاعه، وعلمه بتراكيب اللغة وقرائنها اللفظية، وما يصاحبها من ظواهر الإعراب3.
2- قرأ ابن كثير وغيره: {فَتَلَقّى آدَمَ مِن رَبِّه كَلِمَاتٌ} 4 بنصب (آدم) ورفع (كلمات) .
وقرأها ابن هرمز الأعرج وغيره برفع آدم ونصب (كلمات) وعللها مكيّ بقوله: "وعلة من قرأ برفع (آدم) ونصب (كلمات) أنه جعل (آدم) هو الذي تلقى الكلمات؛ لأنه هو الذي قَبِلها ودعا بها، وعمل بها فتاب الله عليه. فهو الفاعل لقبوله الكلمات فالمعنى عَلى ذلك، وهو الخطاب، وفي تقديم (آدم) على الكلمات تقويه أنه الفاعل.
وقد قال أبو عبيد في معنى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} معناه قَبلها، فإذا كان آدم قابلا فالكلام مقبول، فهو المفعول وآدم الفاعل5".
وقرأ الأعرج وآخرون: {وَيَتُوبَ الله عَلَى مَن يَّشَاءُ} 6وقرأ الجماعة {وَيَتُوبُ الله} بالرفع، وعلى قراءة الأعرج فإنّ التوبة داخلة في جواب الشرط معنى، وعلى قراءة الرفع تكون استئنافاً، وذلك أن قوله: {قَاتِلُوهُم يُعَذّبْهُمُ الله بأَيْدِيكُم ويُخْزِهِم ويَنصُركُمْ عَلَيهِم ويَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِين ويُذْهِبْ غَيْظ قُلُوبِهِم وَيَتُوبُ الله عَلَى من يشَاءُ} 7 فهو كقولك: إن تزرني أحسن إليك
__________
1 البحر المحيط 3/505.
2 المحتسب 1/211.
3 ينظر: المفصل في تاريخ النحو 125.
4 سورة البقرة: الآية 37.
5 الكشف 1/237.
6 سورة التوبة: الآية 15.
7 سورة التوبة: الآية 14،15.

الصفحة 356