كتاب معالم أصول التربية الإسلامية من خلال وصايا لقمان لابنه

صِفَاته:
كَانَ لُقْمَان من أخير النَّاس حكيما وفطينا، رَقِيق الْقلب، صَادِق الحَدِيث، صَاحب أَمَانَة وعفة، وعقل وإصابة فِي القَوْل، وَكَانَ رجلا سكيتا، طَوِيل التفكر، عميق النّظر لم ينم نَهَارا قطّ، وَلم يره أحد يبزق وَلَا يَتَنَحْنَح، وَلَا يَبُول وَلَا يتغوط، وَلَا يغْتَسل، وَلَا يعبث وَلَا يضْحك، وَكَانَ لَا يُعِيد منطقا نطقه إِلَّا أَن يَقُول حِكْمَة يستعيدها أَي وَاحِد1.
وَكَانَ قد تزوج وَولد لَهُ أَوْلَاد فماتوا فَلم يبك عَلَيْهِم، وَكَانَ يغشى السُّلْطَان، وَيَأْتِي الْحُكَّام لينْظر ويتفكر وَيعْتَبر فبذلك أُوتِيَ مَا أُوتِيَ2.
مهنته:
قيلَ: أَنه كَانَ خياطاً، قَالَه سعيد بن الْمسيب. قَالَ الْأَوْزَاعِيّ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة قَالَ: جَاءَ رجل أسود إِلَى سعيد بن الْمسيب يسْأَله فَقَالَ لَهُ سعيد: لَا تحزن من أجل أَنَّك أسود فَإِنَّهُ كَانَ من أخير النَّاس ثَلَاثَة من السودَان: بِلَال، وَمهجع مولى عمر، ولقمان الْحَكِيم كَانَ أسود نوبياً ذَا مشافر3.
وَقيل: كَانَ يحتطب كل يَوْم لمَوْلَاهُ حزمة حطب، وَقَالَ لرجل ينظر إِلَيْهِ: إِن كنت تراني غليظ الشفتين فَإِنَّهُ يخرج من بَينهمَا كَلَام رَقِيق وَإِن كنت تراني أسود فقلبي أَبيض، وَقيل: كَانَ رَاعيا قَالَه عبد الرَّحْمَن بن زيد ابْن جَابر.
وَقَالَ خَالِد الربعِي: كَانَ لُقْمَان عبدا حَبَشِيًّا نجاراً فَقَالَ لَهُ سَيّده: أذبح لي شَاة، وأتني بأطيب مضغتين فِيهَا فَأَتَاهُ بِاللِّسَانِ وَالْقلب، فَقَالَ لَهُ: مَا كَانَ فِيهَا
__________
1 - ابْن كثير: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 2/ 124.
2 - الْمرجع السَّابِق: 2/124.
3 - الزَّمَخْشَرِيّ: الْكَشَّاف 3/211، وَكَذَلِكَ الْقُرْطُبِيّ: الْجَامِع لأحكام الْقُرْآن 14/60، وَابْن كثير: الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 2/124.

الصفحة 431