كتاب معالم أصول التربية الإسلامية من خلال وصايا لقمان لابنه

هُوَ الْوَاجِب شرعا - وَوجد تضامن النَّاس على الْفَضِيلَة فَلَا تضيع بَينهم، وَوجد تضامنهم على استنكار الرذيلة فَلَا تُوجد بَينهم1.
لَا شكّ أَن الله عز وَجل جعل هَذِه الْأمة المحمدية خير أمة أخرجت للنَّاس، كَمَا جعل الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر منَاط هَذِه الْخَيْرِيَّة مَعَ الإِيمان بِاللَّه عز وَجل، قَالَ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} 2.
وَجَاء فِي الحَدِيث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "من رأى مِنْكُم مُنْكرا فليغيره بِيَدِهِ، فَإِن لم يسْتَطع فبلسانه، فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان" 3.
وَعَن عبد الله بن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "مَا من نَبِي بَعثه الله فِي أمة قبلي إِلَّا كَانَ لَهُ من أمته حواريون وَأَصْحَاب يَأْخُذُونَ بسنته ويقتدون بأَمْره ثمَّ أَنَّهَا تخلف من بعدهمْ خلوف يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ويفعلون مَا لَا يؤمرون فَمن جاهدهم بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤمن، وَمن جاهدهم بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤمن، وَمن جاهدهم بِقَلْبِه فَهُوَ مُؤمن وَلَيْسَ وَرَاء ذَلِك من الْإِيمَان حَبَّة خَرْدَل" 4
فَالْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر ومحاولة تَغْيِير الْمُنكر بِالنَّصِيحَةِ وبالطرق العملية المثمرة مساهمة جليلة فِي صِيَانة الْمُجْتَمع وتقويمه وإصلاحه، وكل مساهمة فِي إصْلَاح المجتمعات الإنسانية وتقويمها وصيانتها أَعمال أخلاقية فاضلة.
__________
1 - عَليّ حسن العريض: فتح الرَّحْمَن فِي تَفْسِير سورتي الْفَاتِحَة ولقمان ص 92.
2 - سُورَة آل عمرَان: آيَة (110) .
3 - مُسلم: صَحِيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ 2/380، كتاب الْإِيمَان (1) ، بَاب بَيَان كَون النَّهْي عَن الْمُنكر من الْإِيمَان (20) ، رقم الحَدِيث 78/49.
4 - الْمرجع السَّابِق: 2/384، رقم الحَدِيث. 80/50.

الصفحة 455