كتاب معالم أصول التربية الإسلامية من خلال وصايا لقمان لابنه

يَقُول سيد قطب فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة: "وَهَذَا هُوَ طَرِيق العقيدة المرسوم. تَوْحِيد الله، وشعور برقابته، وتطلع إِلَى مَا عِنْده، وثقة فِي عدله، وخشية من عِقَابه. ثمَّ انْتِقَال إِلَى دَعْوَة النَّاس وَإِصْلَاح حَالهم، وَأمرهمْ بِالْمَعْرُوفِ، ونهيهم عَن الْمُنكر، والتزود قبل ذَلِك كُله للمعركة مَعَ الشَّرّ، بالزاد الْأَصِيل زَاد الْعِبَادَة لله والتوجه إِلَيْهِ بِالصَّلَاةِ ثمَّ الصَّبْر على مَا يُصِيب الداعية إِلَى الله، من التواء النُّفُوس وعنادها، وانحراف الْقُلُوب وإعراضها. وَمن الْأَذَى تمتد بِهِ الْأَلْسِنَة وتمتد بِهِ الْأَيْدِي. وَمن الِابْتِلَاء فِي المَال والابتلاء فِي النَّفس عِنْد الِاقْتِضَاء" إِن ذَلِك من عزم الْأُمُور"وعزم الْأُمُور قطع الطَّرِيق على التَّرَدُّد فِيهَا بعد الْعَزْم والتصميم"1،
وَالصَّبْر فِي اللُّغَة: يَعْنِي الْحَبْس والكف2.
أما فِي الِاصْطِلَاح: فَهُوَ قُوَّة خلقية من قوى الْإِرَادَة تمكن الْإِنْسَان من ضبط نَفسه لتحمل المتاعب والمشقات والآلام وضبطها عَن الاندفاع بعوامل الضجر والجزع والسأم والملل والعجلة والرعونة وَالْغَضَب والطيش وَالْخَوْف والطمع والأهواء والشهوات والغرائز3.
وبالصبر يتَمَكَّن الْإِنْسَان بطمأنينة وثبات أَن يضع الْأَشْيَاء فِي موَاضعهَا، ويتصرف فِي الْأُمُور بعقل واتزان وَينفذ مَا يُرِيد من تصرف فِي الزَّمن الْمُنَاسب، بالطريقة الْمُنَاسبَة الحكيمة، وعَلى الْوَجْه الْمُنَاسب الْحَكِيم، بِخِلَاف عدم الصَّبْر الَّذِي يدْفع إِلَى التسرع والعجلة فَيَضَع الإِنسان الْأَشْيَاء فِي غير موَاضعهَا، ويتصرف برعونة فيخطئ فِي تَحْدِيد الزَّمَان، ويسيء فِي طَريقَة
__________
1 - سيد قطب: فِي ظلال الْقُرْآن 5/2790.
2 - الفيروز آبادي: الْقَامُوس الْمُحِيط 541.
3 - عبد الرَّحْمَن الميداني: الْأَخْلَاق الإسلامية 2/293.

الصفحة 457