كتاب المنصوب على التقريب

له في الوجود نحو هذا ابن صيّاد أشقى الناس فيعربون هذا تقريباً، والمرفوع اسم التقريب، والمنصوب خبر التقريب؛ لأن المعنى إنما هو عن الإخبار عن الخليفة بالقدوم، وعن الشمس بالطلوع، وأُتي باسم الإشارة تقريباً للقدوم والطلوع، ألا ترى أنك لم تشر إليهما وهما حاضران؟ وأيضاً فالخليفة والشمس معلومان فلا يحتاجان إلى تبيينهما بالإشارة إليهما، وتبيّن أن المرفوع بعد اسم الإشارة يخبر عنه بالمنصوب؛ لأنك لو أسقطت الإشارة لم يختلَّ المعنى كما لو أسقطت كان من كان زيد قائماً"1.
من هذا النص يتضح لنا مراد الكوفيين بالتقريب وشروط الإعمال عندهم، إذ مراد الكوفيين من التقريب هو إعمال اسم الإشارة عمل كان، واحتياجها إلى اسم مرفوع وخبر منصوب.
__________
1 همع الهوامع: 2/ 71.
المبحث الثاني: شروط إعماله
هم يشترطون لإعمال اسم الإشارة شروطاً:
الأول: هو أن يكون الاسم الواقع بعد اسم الإشارة لا ثاني له في الوجود كالشمس والقمر والخليفة وما أشبه ذلك، أو أن يكون الاسم الواقع بعدها معبّراً به عن جنسه لا عن واحد بعينه كالمحلى بـ (أل) مثلاً كقولك ماكان من الأُسْدِ غير مخوف فهذا الأَسَدُ مخوفاً، ولكن الذي يظهر أنَّ الكوفيين لم يلتزموا بهذا الشرط؛ لأن ثعلباً يقول في أماليه: "وقال سيبويه: هذا زيدٌ منطلقاً فأراد أن يخبر عن هذا بالانطلاق، ولا يخبر عن زيد، ولكنه ذكر زيداً ليُعْلَمَ لمن الفعل قال أبو العباس: وهذا لا يكون إلا تقريباً، وهو لا يعرف التقريب، والتقريب مثل كان"1.
__________
1 مجالس ثعلب: 43.

الصفحة 503