كتاب المنصوب على التقريب

وقال ابن شقير: معلقاً على بيت جرير السابق: "نصب خليفة على القطع من المعرفة بالألف واللام، ولو رفع على معنى: هذا ابن عمي هذا خليفةٌ لجاز، وعلى هذا يَقْرَأُ مَنْ قَرَأَ {وَإنَّ هَذِهِ أمَّتُكُمْ أمَّةٌ وَّاحِدَةٌ} فإن جُعل (هذا) اسماً، و (ابن عمي) صفته جاز الرفع ومثل هذا قول الراجز:
مَنْ يَكُ ذَا بَتٍّ فَهَذا بَتِّي ... مُقَيّظٌ مَصَيِّفٌ مَشَتِّي
معناه هذا بتِّي هذا مقيِّظٌ، هذا مصيّفٌ، وأما قول النابغة.
تَوَهَّمْتُ آياتٍ لَهَا فَعَرَفْتُهَا ... لِسِتَّةِ أَعْوامٍ وذا العامُ سابِعُ
رفع (العام) بالابتداء، و (سابع) خبره ... وأما قول الله تبارك وتعالى: {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيْدٌ} رفع (عتيد) لأنه خبر نكرةٍ كما تقول هذا شيء عتيد عندي"1.
من خلال هذا النص نلمح أن الإعمال بعد استيفاء الشروط جائز لا واجب، كما نلمح التزام تعريف اسم التقريب؛ لأنه علل عدم نصب عتيد في الآية الكريمة بسبب كون الاسم الواقع بعد اسم الإشارة نكرة تامة وهي (ما) التي فسّرها بـ (شيء) ، وعليه فلا تصح أن تكون اسماً للتقريب.
__________
1 المحلى وجوه النصب 7،8.
المبحث العاشر: القياس في إعمال اسم الإشارة
يبدو أن الكوفيين قاسوا اسم الإشارة في تجويزهم إعماله عمل كان على بعض الأفعال التي حُملت على صار في الإعمال كـ (آض وآل ورجع وعاد وحار واستحال وتحوَّل وارتدَّ وقعد وغدا وراح) أو على أضحى وأمسى كـ (أسحر وأفجر وأظهر) بل توسَّع بعض النحاة في هذا الباب فأدخل كل فعل يجيء المنصوب به بعد المرفوع لا يستغني عنه كقام زيد كريماً وذهب عمرو متحدثاُ وعاش خالد مجاهداً1 فالكوفيون قاسوا اسم الإشارة على تلك الأفعال
__________
1 ينظر في هذه الأفعال: ارتشاف الضرب: 2/ 73، وهمع الهوامع: 2/ 68، والأشموني: 1/ 229.

الصفحة 512