كتاب إفادة المبتدي المستفيد فى حكم إتيان المأموم بالتسميع

قال ابن العراقي: "عنى الحديث على مذهب الشافعي: إذا قال الإِمام: (سمع لمن حمده) في انتقاله، فقولوا: (ربنا لك الحمد) في اعتدالكم". قال: بل نزيد على هذا ونقول: إن في الحديث دلالةً على أن المأموم يقول: (سمع الله لمن حمده)، مِن قوله: "إنما جُعِلَ الإِمامُ لِيُؤْتَمَّ به" (¬1).انتهى (¬2).
يعني لما فيه من الأمر بمتابعته في غير هذا.
وقال العلاَّمة شمس الدين الكِرْمانيُّ في هذا الحديث من شرحه للبخاري (¬3): "فإن قلت: هذا دليل لمن قال: لا يزيد المأموم على (ربنا لك الحمد)، ولا يقول (سمع الله لمن حمده ...).
قلت: لا نُسَلِّمُ أنه دليل له؛ إذ ليس فيه نفيُ الزيادة، ولئن سلَّمنا فهو معارَض بما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم جمع بينهما، وثبت أنه قال: "صلُّوا كما رأيتموني أصلي".
وأما وجه الجمع، فهو أن يقول حال الارتفاع: (سمع الله لمن حمده)، وحال الانتصاب (ربَّنا لك الحمد) ".
قال: "وفي الكلام التفاتٌ، أي من الغَيْبَةِ إلى الحضور" (¬4).
¬__________
(¬1) وقد يقال: تسميع المأموم مستثنى من المتابعة، بدليل القرينة التي أشرف إليها قريبًا، والله تعالى أعلم.
(¬2) "طرح التثريب في شرح التقريب" (2/ 332).
(¬3) (5/ 105).
(¬4) أي: فهو أسلوب من أساليب البلاغة، فإن قوله: "سمع الله لمن حمده" خطاب غيبة، وقوله: "ربنا لك الحمد" خطاب حضور. =

الصفحة 29