كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 2)

وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ الثّقفي [ (5) ] .
اشْرَبْ هَنِيئًا عَلَيْكَ التَّاجُ مُرْتَفِقَا ... فِي رَأْسِ غُمْدَانَ دَارًا مِنْكَ مِحْلَالَا [ (6) ]
وَاشْرَبْ هَنِيئًا فَقَدْ شَالَتْ نَعَامَتُهُمْ ... وَأَسْبِلِ الْيَوْمَ فِي بُرْدَيْكَ إِسْبَالَا [ (7) ]
تِلْكَ الْمَكَارِمُ لَا قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ ... شِيبَا بِمَاءٍ فَعَادَا- بَعْدُ- أَبْوَالَا [ (8) ]
قَالَ: وَالْمَلِكُ مُتَضَمِّخٌ بِالْعَبِيرِ يَلْصِفُ وَبِيصُ [ (9) ] الْمِسْكِ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ مُرْتَدِيًا بِأَحَدِهِمَا مُتَّزِرًا بِالْآخَرِ، سَيْفُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ الْمُلُوكُ وَالْمَقَاوِلُ، فَأُخْبِرَ بِمَكَانِهِمْ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، [وَدَنَا] [ (10) ] مِنْهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْكَلَامِ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُلُوكِ فَقَدْ أَذِنَّا لَكَ.
فَقَالَ: إِنَّ اللهَ، عَزَّ وَجَلَّ، أَحَلَّكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ مَحَلًّا رَفِيعًا شَامِخًا بَاذِخًا مَنِيعًا وَأَنْبَتَكَ نَبَاتًا طَابَتْ أَرُومَتُهُ، وَعَظُمَتْ جُرثُومَتُهُ، وَثَبَتَ أَصْلُهُ وَبَسَقَ فَرْعُهُ، في
__________
[ (5) ] الأبيات في سيرة ابن هشام (1: 69) من قصيدة مطلعها:
ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن ... ريّم في البحر للأعداء أحوالا
[ (6) ] (غمدان) : قصر عجيب الصمعة بين صنعاء وطيوة، وقال السهيلي: قصرا أسسه يعرب قحطان.
[ (7) ] شالت نعامتهم: أي هلكوا، يقال: شالت نعامة الرجل إذا مات، والإسبال: إرخاء الثوب، وهو من فعل المختالين ذوي الإعجاب بأنفسهم.
[ (8) ] «قعبان» تثنية قعب، وهو قدح يحلب فيه، وقد جاء في قوله «لا قعبان» على لغة قديمة للعرب، كانوا يلزمون المثنى الألف في الأحوال كلها، و «شيبا» خلطا ومزجا.
قال ابن هشام: «تِلْكَ الْمَكَارِمُ لَا قَعْبَانِ من لبن.. هذا البيت في آخرها للنابغة الجعدي وَاسْمُهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ قيس» .
قلت: الأبيات في معجم البلدان لياقوت في الكلام على غمدان، وفي خزانة الأدب نسبة هذا البيت لأبي الصلت.
[ (9) ] وبيص: بريق.
[ (10) ] في (م) و (ص) : «فدنا» .

الصفحة 10