كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 2)

أرسل فينا أحمدا خَيْرَ نَبِيٍّ قَدْ بُعِثْ ... صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ مَا حَجَّ [ (41) ] لَهُ رَكْبٌ وَحَثَّ
قَالَ: فَذُهِلْتُ عَنِ الْبَعِيرِ وَاكْتَنَفَنِي السُّرُورُ، وَلَاحَ الصَّبَاحُ، وَاتَّسَعَ الْإِيضَاحُ [ (42) ] ، فَتَرَكَتُ الْمَوْرَاءَ [ (43) ] ، وَأَخَذْتُ الْجَبَلَ، فَإِذَا أَنَا بِالْفَنِيقِ يَسْتَنْشِقُ [ (44) ] النُّوقَ، فَمَلَكْتُ خطامه، وعلوت سنامه، فمرج [ (45) ] طَاعَةً وَهَزَزْتُهُ سَاعَةً، حَتَّى إِذَا لَغَبَ وَذَلَّ مِنْهُ مَا صَعُبَ، وَحَمِيَتِ الْوِسَادَةُ، وَبَرَدَتِ الْمَزَادَةُ، فَإِذَا الزَّادُ قَدْ هَشَّ لَهُ الْفُؤَادُ! تَرَكْتُهُ فَتُرِكَ، وَأَذِنْتُ لَهُ فَبَرَكَ، فِي رَوْضَةٍ خَضِرَةٍ نَضِرَةٍ عَطِرَةٍ، ذَاتِ حَوْذَانَ وَقُرْبَانَ وَعُنْقُرَانَ [ (46) ] وَعَبَيْثَرَانَ وَجُلَّى وَأَقَاحٍ وَجَثْجَاثٍ وَبَرَارٍ، وَشَقَائِقَ وَنَهَارٍ [ (47) ] كَأَنَّمَا قَدْ بَاتَ الْجَوُّ بِهَا مَطِيرًا، وَبَاكَرَهَا الْمُزْنُ بُكُورًا، فَخِلَالُهَا شَجَرْ، وَقَرَارُهَا نَهَرْ، فَجَعَلَ يَرْتَعُ أَبًّا، وَأَصِيدُ ضَبًّا، حَتَّى إِذَا أَكَلْتُ وَأَكَلْ! وَنَهَلْتُ وَنَهَلْ، وَعَلَلْتُ وَعَلْ- حَلَلْتُ عِقَالَهُ، وَعَلَوْتُ جِلَالَهُ، وَأَوْسَعْتُ مَجَالَهُ، فَاغْتَنَمَ الْحَمْلَةَ وَمَرَّ كَالنَّبْلَةِ، يَسْبِقُ الرِّيحْ، وَيَقْطَعُ عَرْضَ الْفَسِيحْ، حَتَّى أَشْرَفَ بِي عَلَى وَادْ وَشَجَرٍ، مِنْ شَجَرِ عَادْ مُورِقَةٍ مُونِقَةٍ، قَدْ تَهَدَّلَ أَغْصَانُهَا كَأَنَّمَا بَرِيرُهَا حَبُّ فُلْفُلٍ، فَدَنَوْتُ فَإِذَا أَنَا بِقُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ بِيَدِهِ قَضِيبٌ مِنْ أَرَاكٍ يَنْكُتُ بِهِ الْأَرْضَ وَهُوَ يَتَرَنَّمُ بِشِعْرٍ، وَهُوَ:
يَا نَاعِيَ الْمَوْتِ وَالْمَلْحُودِ [ (48) ] فِي جَدَثٍ ... عَلَيْهِمُ مِنْ بَقَايَا بَزِّهِمْ خِرَقُ
__________
[ (41) ] في (هـ) : «ما حنّ» .
[ (42) ] في (هـ) : «الأوضاع» .
[ (43) ] في (م) : «المور» .
[ (44) ] في (هـ) و (م) : «يشقشق» .
[ (45) ] في (م) : «فمرح» ، وفي (هـ) : «فخرج» .
[ (46) ] في (هـ) : «وغربان» .
[ (47) ] في (ح) و (م) : «وأنهار» .
[ (48) ] في (هـ) : «الأموات في جدث» .

الصفحة 111