كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 2)
محمد بن إسحاق بن يَسَارٍ، قَالَ:
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، مَعَ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَحَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ قَالَ:
كَانَ يُوضَعُ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، جَدِّ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فِرَاشٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَكَانَ لَا يَجْلِسُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ بَنِيهِ إِجْلَالًا لَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، يَأْتِي حَتَّى يَجْلِسَ عَلَيْهِ، فَيَذْهَبَ أَعْمَامُهُ يُؤَخِّرُونَهُ، فَيَقُولُ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: دَعُوا ابْنِي.
فَيَمْسَحُ عَلَى ظَهْرِهِ وَيَقُولُ: إِنَّ لِبُنَيَّ هَذَا لَشَأْنًا. فَتُوُفِّيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَرَسُولُ اللهِ [ (6) ] ، صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، بَعْدَ الْفِيلِ بِثَمَانِ سِنِينَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِيمَا يَزْعُمُونَ يُوصِي أَبَا طَالِبٍ بِرَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ وَأَبَا طَالِبٍ لِأُمٍّ. فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِيمَا يَزْعُمُونَ، فِيمَا يُوصِيهِ بِهِ، وَاسْمُ أَبِي طَالِبٍ عَبْدُ مناف:
أُوصِيكَ يَا عَبْدَ مَنَافٍ بَعْدِي ... بِمُوحَدٍ بَعْدَ أَبِيهِ فَرْدِ
فَارَقَهُ وَهُوَ ضَجِيعُ الْمَهْدِ ... فَكُنْتُ كَالْأُمِّ لَهُ فِي الْوَجْدِ
وَذَكَرَ أَبْيَاتًا أُخَرَ، وَقَالَ فِيهِنَّ:
بَلْ أَحْمَدُ رَجَوْتُهُ [ (7) ] لِلرُّشْدِ ... قَدْ عَلِمَتْ عَلَّامُ أَهْلُ الْعَهْدِ
أَنَّ الْفَتَى سَيِّدُ أَهْلِ نَجْدِ ... يَعْلُو عَلَى ذِي الْبَدَنِ الْأَشَدِّ
وَقَالَ أَيْضًا:
أَوْصَيْتُ مَنْ كَنَّيْتُهُ بِطَالِبِ ... عَبْدَ مَنَافٍ وَهْوَ ذُو تَجَارِبِ
بِابْنِ الَّذِي قَدْ غَابَ غَيْرَ آئب
__________
[ (6) ] في (م) : «والنبي» .
[ (7) ] في (م) و (ص) و (ح) : «وجدته» .
الصفحة 22