كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 2)

أَشْيَاخٌ مِنْ قُرَيْشٍ: مَا عِلْمُكَ؟ قَالَ: إِنَّكُمْ حِينَ أَشْرَفْتُمْ مِنَ الْعَقَبَةِ لَمْ يَمُرَّ بِشَجَرَةٍ وَلَا حَجَرٍ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، وَلَا يَسْجُدَانِ [ (5) ] إِلَّا لِنَبِيٍّ، وَإِنِّي أَعْرِفُهُ، خَاتَمُ النُّبُوَّةِ فِي أَسْفَلَ مِنْ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ مِثْلُ التُّفَّاحَةِ. ثُمَّ رَجَعَ فَصَنَعَ [لَهُمْ] [ (6) ] طَعَامًا، فَلَمَّا أَتَاهُمْ بِهِ، وَكَانَ هُوَ فِي رِعْيَةِ الْإِبِلِ، قَالَ: أَرْسِلُوا إِلَيْهِ. فَأَقْبَلَ وَعَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَيْهِ، عَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ وَجَدَهُمْ قَدْ سَبَقُوهُ إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ فَلَمَّا جَلَسَ مَالَ فَيْءُ الشَّجَرَةِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ مَالَ عَلَيْهِ.
قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يُنَاشِدُهُمْ أَنْ لَا يَذْهَبُوا [ (7) ] بِهِ إِلَى الرُّومِ، فَإِنَّ الرُّومَ إِنْ رَأَوْهُ عَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ فَقَتَلُوهُ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِتِسْعَةٍ- وَفِي رِوَايَةِ الْأَصَمِّ بِسَبْعَةِ- نَفَرٍ قَدْ أَقْبَلُوا مِنَ الرُّومِ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: جِئْنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ خَارِجٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ، فَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إِلَّا بُعِثَ إِلَيْهِ نَاسٌ، وَإِنَّا أُخْبِرْنَا خَبَرَهُ فَبُعِثْنَا إِلَى طَرِيقِكَ هَذَا. فَقَالَ لَهُمْ: هَلْ خَلَّفْتُمْ خَلْفَكُمْ أَحَدًا هُوَ خَيْرٌ مِنْكُمْ؟
قَالُوا: لَا. إِنَّا أُخْبِرْنَا خَبَرَ طَرِيقِكَ هَذَا: قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ أَمْرًا أَرَادَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، أَنْ يَقْضِيَهُ هَلْ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رَدَّهُ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَتَابَعُوهُ وَأَقَامُوا مَعَهُ.
قَالَ: فَأَتَاهُمْ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ أَيُّكُمْ وَلِيُّهُ؟ فَقَالُوا [ (8) ] : أَبُو طَالِبٍ. فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ حَتَّى رَدَّهُ، وَبَعَثَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بِلَالًا، وَزَوَّدَهُ الرَّاهِبُ مِنَ الْكَعْكِ والزيت [ (9) ] .
__________
[ (5) ] في (هـ) : «يسجدان» ، وفي (ص) و (م) : «يسجدن» .
[ (6) ] في (هـ) و (ح) : «فصنع له» .
[ (7) ] في (م) : «ألا يذهبوا» .
[ (8) ] في (م) : «قالوا» .
[ (9) ] أخرجه الترمذي في «جامعه» ، في: 50- كتاب المناقب (3) بَابُ مَا جَاءَ فِي بدء نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم، الحديث (3620) ، صفحة (5: 590- 591) ، وقال ابو عيسى: «هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه» .

الصفحة 25