كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 2)
هَهُنَا بَيْتَ اللهِ، يَبْنِيهِ هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللهَ لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ. فَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّ بِهِمْ قَوْمٌ مِنْ جُرْهُمٍ-[أَوْ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمِ] [ (37) ] مُقْبِلِينَ مِنْ كَدَاءَ [ (38) ] فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا [ (39) ] فَقَالُوا: إِنَّهُ لَيَدُورُ، وَلَعَهْدُنَا بِهَذَا، الْوَادِي مَا فِيهِ مَاءٌ! فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا [ (40) ] أَوْ جَرِيَّيْنِ فَرَجَعُوا، فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ. فَأَقْبَلُوا، فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكَ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ: فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، وَهِيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ. فَنَزَلُوا مَعَهَا حَتَّى كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلَامُ، وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ [ (41) ] ، مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ [ (42) ] وَأَعْجَبَهُمْ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ [ (43) ] . وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ.
قَالَ مَعْمَرٌ: وَبَلَغَنِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ] [ (44) ] ، أَنَّهُ قَالَ لِقُرَيْشٍ: إِنَّهِ كَانَ وُلَاةُ هَذَا الْبَيْتِ قَبْلَكُمْ- أَظُنُّهُ قَالَ طسم- وتهاونوا به [ (45) ] ،
__________
[ (37) ] ليست في (ص) .
[ (38) ] محل في أعلى مكة.
[ (39) ] (طيرا عائفا) هو الذي يتردد على الماء ويحوم حوله، ولا يمضي عنه، والعائف: الرجل الذي يعرف مواضع الماء من الأرض.
[ (40) ] (الجري) : الوكيل، والأجير، وسمي كذلك لأنه يجري مجرى مرسله، أو موكله، او لأنه يجري مسرعا في حوائجه.
[ (41) ] عند الحاكم: «أول من نطق بالعربية إسماعيل» .
[ (42) ] (أنفسهم) ، بلفظ الماضي، اي رغبهم فيه، وفي مصاهرته، يقال: أنفسني فلان في كذا، اي:
رغبني فيه، وأعجبهم: أي أعجبهم في نفاسته.
[ (43) ] قال السهيلي: «اسمها: جداء بنت سعد» ، وعن ابن اسحق ان اسمها: عمارة.
[ (44) ] ليست في (م) .
[ (45) ] في (م) : «فَتَهَاوَنُوا بِهِ» .
الصفحة 49