كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 2)

ابن ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ بْنِ سَلَامٍ وَثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْيَةَ وَأُسَيْدُ بْنُ سَعْيَةَ وَأَسَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودَ مَعَهُمْ، فَآمَنُوا وَصَدَّقُوا وَرَغِبُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَنَتَجُوا فِيهِ، قَالَتْ أَحْبَارُ يَهُودَ، أَهْلُ الْكُفْرِ مِنْهُمْ: مَا آمَنَ بِمُحَمَّدٍ وَلَا اتَّبَعَهُ إلا أشرارنا، وَلَوْ كَانُوا مِنْ أَخْيَارِنَا مَا تَرَكُوا دِينَ آبَائِهِمْ، وَذَهَبُوا إِلَى غَيْرِهِ. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ:
لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ- إِلَى قَوْلِهِ- وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ [ (31) ] .
وَكَانَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ مِنْ عُظَمَاءِ يَهُودَ إِذَا كَلَّمَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ لَوَى لِسَانَهُ، وَقَالَ: أَرْعِنَا سَمْعَكَ يَا مُحَمَّدُ، حَتَّى نَفْهَمَكَ، ثُمَّ طَعَنَ فِي الْإِسْلَامِ وَعَابَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فيه أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ- إِلَى قَوْلِهِ- فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا [ (32) ] .
وَكَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ رُؤَسَاءَ مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ، مِنْهُمْ: عَبْدُ اللهِ بْنُ صَوْرَى الْأَعْوَرَ، وَكَعْبُ بْنُ أَسَدٍ فَقَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ اتَّقُوا الله وأسلموا فو الله إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِيَ جِئْتُكُمْ بِهِ الْحَقَّ» قَالُوا: مَا نَعْرِفُ ذَلِكَ يَا مُحَمَّدُ، وَجَحَدُوا مَا عَرَفُوا، وَأَصَرُّوا عَلَى الْكُفْرِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها [ (33) ] . الآية [ (34) ] .
__________
[ (31) ] الآيتان الكريمتان (113- 114) من سورة آل عمران، والخبر في سيرة ابن هشام (2: 185) .
[ (32) ] الآية الكريمة (44) من سورة النساء، والخبر في سيرة ابن هشام (2: 190) .
[ (33) ] أصل ص 320.
[ (34) ] في (ص) و (هـ) : «إِلَى آخِرِ الْآيَةِ» .

الصفحة 534