كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 2)

رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ وَكَانَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى.
قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [ (12) ] .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ [ (13) ] : وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ (14) ] .
وَكَانَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ يَتَأَوَّلُ فِي الْعَفْوِ مَا أَمَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهِ حَتَّى إِذَا أَذِنَ اللَّه فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ بَدْرًا وَقَتَلَ اللَّه بِهِ مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، قَالَ ابْنُ أبيّ بن سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ، فَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا» .
هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبٍ وَانْتَهَى حَدِيثُ مَعْمَرٍ عِنْدَ قَوْلِهِ:
«فَعَفَا عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ [ (15) ] .
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ [ (16) ] وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عبد الرزاق.
__________
[ (12) ] الآية الكريمة (186) من سورة آل عمران.
[ (13) ] (ح) : «قال اللَّه تعالى» .
[ (14) ] الآية الكريمة (109) من سورة البقرة.
[ (15) ] عن أبي اليمان، أخرجه البخاري في: 78- كتاب الأدب (115) باب كنية المشرك وفي تفسير سورة آل عمران، وقد أخرجه البخاري أيضا في الجهاد، وفي اللباس، عن قتيبة، عن ابي صفوان، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ.
[ (16) ] صحيح مسلم: 32- كتاب الجهاد والسير، (40) باب فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عليه وآله وسلّم وصبره على أذى المنافقين،

الصفحة 578