كتاب المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح (اسم الجزء: 2)

قَالَ الْمُهَلَّبُ:
فَبَيَّنَ البُخَارِيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ ضَبْطَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيّةَ، وَفَصَلَ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَعْلُولِ، فَسَقَطَ مَا خَالَفَ بِهِ الْجَمَاعَةَ وُهَيْبٌ وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ وَهْمِهِ عَلَى أَيُّوبَ، وَإِنْ كَانَ عَبْدُاللهِ بْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَدْ وَقَفَا الْوَهْمَ فِيهِ عَلَى أَنْسٍ، فَقَالاَ: كَانَ أَنْسٌ حِينَئِذٍ يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ وَهُنَّ مُتَكَشِّفَاتٍ وَهْوُ صَغْيرٌ، يَصِفُهُ بِصِغَرِ السِّنِّ، وَقِلَّةِ الضَّبْطِ لِمَا خَالَفَهُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ (¬1).
وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْوَهْمَ مِنْ قِبَلِ وُهَيْبٌ مَا:
حَدَّثْنَاهُ أَبُومُحَمَّد، قَالَ: نَا ابْنُ مَالِكٍ، نَا عَبْدُاللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبي، نَا الأَسْودُ بنُ عَامِرٍ، أَو حَسَنُ بنُ مُوسَى، نَا زُهَيْرٌ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أبِي أَسْمَاءَ الصَّيْقَلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجْنَا نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا, فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً, وقَالَ: «لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً».
¬_________
(¬1) إنْكَارُ ابْنُ عُمَرَ عَلَى أَنَسٍ مَشْهُورٌ، قَدْ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ في الصَّحِيحِ أَكْثَرَ وُضُوحَا، وقَالَ أَنَسٌ في آخرهِ: مَا تَعُدُّونَنَا إِلاَ صِبْيَانَا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا"، خَرَّجَهُ فِي الحجِّ، في الْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (2168).

وأما استصغاره إياه فقد رواه زيد بن أسلم وغيره: أنَّ رجلًا اتى ابن عمر رضى الله عنه، فقَالَ: بم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ ابن عمر: أهل بالحج، فانصرف ثم أتاه من العام المقبل، فقال: بم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: ألم تأتني عام أول؟ قَالَ: بلى ولكن أنس بن مالك يزعم أنه قرن، قَالَ ابن عمر رضى الله عنه: إن أنس بن مالك كان يدخل على النساء وهن مكشفات الرؤس، وأنى كنت تحت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسني لعابها اسمعه يلبى بالحج.
رواه البيهقي (5/ 9) وغيره.

الصفحة 128