كتاب أخبار مكة للفاكهي (اسم الجزء: 2)

أَعْطَانِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ كِتَابًا ذَكَرَ أَنَّهُ عَنْ أَشْيَاخِهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَكَتَبْتُهُ مِنْ كِتَابِهِ، فَقَالُوا: §هَذِهِ تَسْمِيَةُ أَسْمَاءِ زَمْزَمَ، هِيَ: زَمْزَمُ، وَهِيَ -[68]- هَزْمَةُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَسُقْيَا اللهِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَا تَنْزِفُ وَلَا تُذَمُّ، وَهِيَ بَرَكَةُ، وَسَيِّدَةُ، وَنَافِعَةُ، وَمَضْنُونَةُ، وَعَوْنَةُ، وَبُشْرَى، وَصَافِيَةُ، وَبَرَّةُ، وَعِصْمَةُ، وَسَالِمَةُ، وَمَيْمُونَةُ، وَمُبَارَكَةُ، وَكَافِيَةُ، وَعَافِيَةُ، وَمُغَذِّيَةُ، وَطَاهِرَةُ، وَمُقْدَاةُ، وَحِرْمِيَّةُ، وَمَرْوِيَّةُ، وَمُؤْنِسَةُ، وَطَعَامُ طُعْمٍ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ " وَأَنْشَدَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ لِبَعْضِهِمْ:
[البحر المنسرح]

طَعَامُ طُعْمٍ لِمَنْ أَرَادَ وَمَنْ ... يَبْغِي شِفَاءً شَفَتْهُ مِنْ سَقَمِ
§ذِكْرُ مِصْبَاحِ زَمْزَمَ كَيْفَ كَانَ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْقَسْرِيَّ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ مِصْبَاحَ زَمْزَمَ، يُضِيءُ لِأَهْلِ الطَّوَافِ مُقَابِلَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَقَدْ كَانَ رَجُلٌ مِنْ غَسَّانَ وَضَعَ فِيمَا هُنَالِكَ مِصْبَاحًا، فَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَرَفَعَهُ، وَكَانَ مِصْبَاحُ زَمْزَمَ هَذَا فِيمَا مَضَى عَلَى عَمُودٍ طَوِيلٍ مُقَابِلَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، -[69]- فَلَمَّا وَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ مَكَّةَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ وَضَعَ عَمُودًا طَوِيلًا مُقَابِلَهُ بِحِذَاءِ الرُّكْنِ الْغَرْبِيِّ، فَكَانَا كَذَلِكَ حَتَّى كَانَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَوَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ مَكَّةَ، فَجَعَلَ عَمُودَيْنِ طَوِيلَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، وَالْآخَرُ بِحِذَاءِ الرُّكْنِ الْغَرْبِيِّ، فَلَمَّا اسْتَخْلَفَ هَارُونُ الْوَاثِقَ بِاللهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ أَرَادَ الْحَجَّ، فَأَمَرَ بِعَمَلِ بَيْتِ الشَّرَابِ، وَدَارِ الْعَجَلَةِ، وَالْبِرَكِ، وَمَسْجِدِ الْخَيْفِ، وَالْقُصُورِ، وَالْأَمْيَالِ فِي الطَّرِيقِ، وَبَعَثَ بِعُمُدٍ طُوَالٍ عَشَرَةً مِنْ خَشَبٍ مُلْبَسَةٍ شِبْهَ الصُّفْرِ، فَجُعِلَتْ حَوْلَ الطَّوَافِ يُسْتَصْبَحُ عَلَيْهَا لِأَهْلِ الطَّوَافِ، وَأَمَرَ بِثَمَانِي ثُرَيَّاتٍ يُسْتَصْبَحُ بِهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، تُعَلَّقُ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِنَ الْمَسْجِدِ اثْنَتَانِ مِمَّا يَلِي الظِّلَالَ الَّتِي تَلِي بَطْنَ الْمَسْجِدِ، فَهِيَ كَذَلِكَ يُسْتَصْبَحُ بِهَا فِي الْمَوْسِمِ وَفِي رَمَضَانَ إِلَّا ثُرِيًّا وَاحِدَةً، تَكُونُ مِمَّا يَلِي بَابَ السُّلْطَانِ يُسْتَصْبَحُ بِهَا مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ
1166 - أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: " §مَا سَمِعْتُ بِأَكْذَبَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، زَعَمُوا أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ:
[البحر الكامل]
بَيْتٌ زُرَارَةُ مُحْتَبٍ بِفِنَائِهِ ... وَمُجَاشِعٌ وَأَبُو الْفَوَارِسِ نَهْشَلُ
-[70]- فِي رِجَالٍ مِنْهُمْ، فَقِيلَ لَهُ: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: الْبَيْتُ: بَيْتُ اللهِ الْحَرَامُ، وَالزُّرَارَةُ: الْحَجَبِيُّ، فَقِيلَ لَهُ: فَمُجَاشِعٌ؟ قَالَ: زَمْزَمُ جُشِعَتْ بِالْمَاءِ، قِيلَ فَأَبُو الْفَوَارِسِ؟ قَالَ: أَبُو قُبَيْسٍ، قِيلَ: فَنَهْشَلٌ؟ قَالَ: فَفَكَّرَ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ: وَنَهْشَلٌ أَشَدُّهُ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ، نَهْشَلٌ مِصْبَاحُ الْكَعْبَةِ، طَوِيلٌ أَسْوَدُ، فَذَاكَ نَهْشَلٌ
§ذِكْرُ مَا كَانَ عَلَيْهِ حَوْضُ زَمْزَمَ فِي عَهْدِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَذِكْرُ مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مِنَ السِّقَايَةِ
1167 - حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْمَكِّيِّينَ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانَ §يَقْعُدُ يَسْقِي الْحَاجَّ فِي مَوْضِعِ قُبَّةِ الْخَشَبِ إِلَى جَانِبِ سِقَايَةِ النَّبِيذِ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ مَوْضِعَ مَجْلِسِهِ فِي حَدِّ رُكْنِ زَمْزَمَ الَّذِي يَلِي الصَّفَا وَالْوَادِيَ، وَهُوَ عَلَى يَسَارِ مَنْ دَخَلَ زَمْزَمَ

الصفحة 67