كتاب السيرة النبوية لابن كثير (اسم الجزء: 2)

فَخَرَجَا مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ.
* * * قَالَتْ: فَأَقَمْنَا مَعَ خَيْرِ جَارٍ فِي خَيْرِ دَارٍ.
فَلَمْ يَنْشَبْ (1) أَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ رَجُلٌ من الْحَبَشَة ينازعه فِي ملكه.
فو الله مَا علمتنا حزنا حزنا قطّ هُوَ أَشَدَّ مِنْهُ، فَرَقًا مِنْ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ الْمَلِكُ عَلَيْهِ فَيَأْتِي مَلِكٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ يَعْرِفُهُ.
فَجَعَلْنَا نَدْعُو اللَّهَ وَنَسْتَنْصِرُهُ لِلنَّجَاشِيِّ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ سَائِرًا.
فَقَالَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضُهُمْ لبَعض: من يخرج فيحضر الوقيعة حَتَّى يَنْظُرَ عَلَى مَنْ تَكُونُ.
فَقَالَ الزُّبَيْرُ، وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا: أَنَا.
فَنَفَخُوا لَهُ قربَة فَجَعلهَا فِي صَدره، فَجعل يَسْبَحُ عَلَيْهَا فِي النِّيلِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ شِقِّهِ الْآخَرِ إِلَى حَيْثُ الْتَقَى النَّاسُ، فَحَضَرَ الْوَقْعَةَ.
فَهَزَمَ اللَّهُ ذَلِكَ الْمَلِكَ وَقَتَلَهُ وَظَهَرَ النَّجَاشِيّ عَلَيْهِ.
فجاءنا الزبير، فَجعل يليح لَنَا بِرِدَائِهِ وَيَقُولُ: أَلَا فَأَبْشِرُوا، فَقَدْ أَظْهَرَ الله النَّجَاشِيّ.
قَالَت (2) : فو الله مَا علمتنا فرحنا بشئ قَطُّ فَرَحَنَا بِظُهُورِ النَّجَاشِيِّ.
ثُمَّ أَقَمْنَا عِنْدَهُ حَتَّى خرج من خرج منا إِلَى مَكَّة وَأقَام من أَقَامَ.
* * *
__________
(1) ط: نشب.
محرفة.
(2) ط: قلت: محرفة.
(*)

الصفحة 23