كتاب السيرة النبوية لابن كثير (اسم الجزء: 2)

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الرَّازِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بن إِسْحَق بِهِ: لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ لَا يَزَالُ يُرَى عَلَى قَبْرِهِ نُورٌ.
* * * وَقَالَ زِيَادٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَق: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اجْتَمَعَتِ الْحَبَشَةُ فَقَالُوا لِلنَّجَاشِيِّ: إِنَّكَ فَارَقْتَ دِينَنَا.
وَخَرَجُوا عَلَيْهِ.
فَأَرْسَلَ إِلَى جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ فَهَيَّأَ لَهُمْ سُفُنًا وَقَالَ: ارْكَبُوا فِيهَا وَكُونُوا كَمَا أَنْتُمْ، فَإِنْ هُزِمْتُ فَامْضُوا حَتَّى تَلْحَقُوا بِحَيْثُ شِئْتُمْ، وَإِنْ ظَفِرْتُ فَاثْبُتُوا.
ثُمَّ عَمَدَ إِلَى كِتَابٍ فَكَتَبَ فِيهِ: هُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله وَيَشْهَدُ أَنَّ عِيسَى عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ.
ثُمَّ جَعَلَهُ فِي قَبَائِهِ عِنْدَ الْمَنْكِبِ الْأَيْمَنِ.
وَخَرَجَ إِلَى الْحَبَشَةِ وَصَفُّوا لَهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْحَبَشَةِ، أَلَسْتُ أَحَقَّ النَّاس بكم؟ قَالُوا: بلَى.
قَالَ: فَكيف أَنْتُم بسيرتي فِيكُم؟ قَالُوا: خير سيرة.
قَالَ: فَمَا بكم؟ قَالُوا: فَارَقت ديننَا وَزَعَمت أَن عِيسَى عَبده وَرَسُوله.
قَالَ: فَمَا تَقُولُونَ أَنْتُمْ فِي عِيسَى؟ قَالُوا: نَقُولُ هُوَ ابْنُ اللَّهِ.
فَقَالَ النَّجَاشِيُّ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ عَلَى قَبَائِهِ: وَهُوَ يَشْهَدُ أَن عِيسَى بن مَرْيَمَ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا.
وَإِنَّمَا يَعْنِي مَا كَتَبَ.
فَرَضُوا وَانْصَرَفُوا.

الصفحة 28