كتاب السيرة النبوية لابن كثير (اسم الجزء: 2)

حسى عرفني، فَظن أَنى إِنَّمَا اتبعته لاوذيه، فَنَهَمَنِي (1) ثُمَّ قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ يَا بْنَ الْخَطَّابِ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ: جِئْتُ لَأُومِنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: " قَدْ هَدَاكَ اللَّهُ يَا عُمَرُ " ثُمَّ مَسَحَ صَدْرِي وَدَعَا لِي بِالثَّبَاتِ.
ثُمَّ انْصَرَفْتُ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَق: فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ.
قُلْتُ: وَقَدِ اسْتَقْصَيْتُ كَيْفِيَّةَ إِسْلَامِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ مُطَوَّلًا فِي أَوَّلِ سِيرَتِهِ الَّتِي أَفْرَدْتُهَا عَلَى حِدة.
وَللَّه الْحَمد والْمنَّة.
* * *
قَالَ ابْن إِسْحَق: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ قَالَ: أَيُّ قُرَيْشٍ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟ فَقِيلَ لَهُ: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ.
فَغَدَا عَلَيْهِ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَغَدَوْتُ أَتْبَعُ أَثَرَهُ وَأَنْظُرُ مَا يَفْعَلُ وَأَنَا غُلَامٌ أَعْقِلُ كُلَّ مَا رَأَيْتُ.
حَتَّى جَاءَهُ فَقَالَ لَهُ: أَعَلِمْتَ يَا جَمِيلُ أَنِّي أَسْلَمْتُ وَدخلت فِي دِينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: فو الله مَا رَاجَعَهُ حَتَّى قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَاتَّبَعَهُ عمر واتبعته أَنا، حَتَّى [إِذا] قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ.
وَهُمْ فِي أَنْدِيَتِهِمْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ.
أَلَا إِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَأَ.
__________
(1) نهمنى: زجرني.
(*)

الصفحة 38