كتاب السيرة النبوية لابن كثير (اسم الجزء: 2)

أَمْنًا وَقَرَارًا، وَأَنَّ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَنَعَ مَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ، وَأَنَّ عُمَرَ قَدْ أَسْلَمَ، فَكَانَ هُوَ وَحَمْزَةُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَجَعَلَ الْإِسْلَامُ يَفْشُو فِي الْقَبَائِل، فَاجْتمعُوا (1) وائتمروا على أَنْ يَكْتُبُوا كِتَابًا يَتَعَاقَدُونَ فِيهِ عَلَى بَنِي هَاشم وَبنى عبد الْمطلب، على أَلا يَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ وَلَا يُنْكِحُوهُمْ، وَلَا يَبِيعُوهُمْ شَيْئًا وَلَا يَبْتَاعُوا مِنْهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا لِذَلِكَ كَتَبُوا فِي صَحِيفَةٍ، ثُمَّ تَعَاهَدُوا وَتَوَاثَقُوا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ عَلَّقُوا الصَّحِيفَةَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ تَوْكِيدًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
وَكَانَ كَاتِبُ الصَّحِيفَةِ مَنْصُورَ بْنَ عِكْرِمَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّار ابْن قُصَيٍّ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ.
فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشُلَّ بَعْضُ أَصَابِعِهِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ الذى يكْتب الصَّحِيفَةَ طَلْحَةُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيُّ.
قُلْتُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَنْصُورُ بْنُ عِكْرِمَةَ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْن إِسْحَق، وَهُوَ الَّذِي شُلَّتْ يَدُهُ فَمَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِهَا، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ بَيْنَهَا: انْظُرُوا إِلَى مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَكَانَتِ الصَّحِيفَةُ معلقَة فِي جَوف الْكَعْبَة.
* * * قَالَ ابْن إِسْحَق: فَلَمَّا فَعَلَتْ ذَلِكَ قُرَيْشٌ انْحَازَتْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ إِلَى أَبِي طَالِبٍ، فَدَخَلُوا مَعَهُ فِي شِعْبِهِ وَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ.
وَخَرَجَ مِنْ بَنِي هَاشم أَبُو لَهب بن عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى قُرَيْشٍ فَظَاهَرَهُمْ.
وَحَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ لَقِيَ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ ربيعَة حِين فَارق
__________
(1) ابْن هِشَام: اجْتَمعُوا.
وَهُوَ الصَّوَاب.
(*)

الصفحة 48