كتاب مقاييس اللغة (اسم الجزء: 2)

أَمِنَ الْمَنُونِ وَرَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ ... وَالدَّهْرُ لَيْسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
فَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ:
قَضَيْنَا مِنْ تِهَامَةَ كُلَّ رَيْبٍ ... وَمَكَّةَ ثُمَّ أَجْمَمْنَا السُّيُوفَا
فَيُقَالُ: إِنَّ الرَّيْبَ الْحَاجَةُ. وَهَذَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ; لِأَنَّ طَالِبَ الْحَاجَةِ شَاكٌّ، عَلَى مَا بِهِ مِنْ خَوْفِ الْفَوْتِ.

(رَيَثَ) الرَّاءُ وَالْيَاءُ وَالثَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى الْبُطْءِ، وَهُوَ الرَّيْثُ: خِلَافُ الْعَجَلِ. قَالَ لَبِيدٌ:
إِنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرُ نَفَلْ ... وَبِإِذْنِ اللَّهِ رَيْثِي وَعَجَلْ
تَقُولُ مِنْهُ رَاثَ يَرِيثُ. وَاسْتَرَثْتُ فُلَانًا اسْتَبْطَأْتُهُ. وَرُبَّمَا قَالُوا: اسْتَرْيَثَ، وَلَيْسَ بِالْمُسْتَعْمَلِ. وَيُقَالُ رَجُلٌ رَيِّثٌ، أَيْ بَطِيءٌ.

(رَيَحَ) الرَّاءُ وَالْيَاءُ وَالْحَاءُ. قَدْ مَضَى مُعْظَمُ الْكَلَامِ فِيهَا فِي الرَّاءِ وَالْوَاوِ وَالْحَاءِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ ذَاكَ، وَالْأَصْلُ فِيمَا نَذْكُرُ آنِفًا الْوَاوُ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّا نَكْتُبُ كَلِمَاتٍ لِلَّفْظِ. فَالرِّيحُ مَعْرُوفَةٌ، وَقَدْ مَرَّ اشْتِقَاقُهَا. وَالرَّيْحَانُ مَعْرُوفٌ. وَالرَّيْحَانُ: الرِّزْقُ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «إِنَّ الْوَلَدَ مِنْ رَيْحَانِ اللَّهِ» ". وَالرِّيحُ: الْغَلَبَةُ وَالْقُوَّةُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] . وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَتَنْظُرَانِ قَلِيلًا رَيْثَ غَفْلَتِهِمْ ... أَمْ تَعْدُوَانِ فَإِنَّ الرِّيحَ لِلْعَادِي
وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ الْوَاوُ، وَقَدْ مَضَى.

الصفحة 464