كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 2)
قال: (ولا تصح الإجارة على عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة (¬1)؛ كالحج والأذان ونحوهما. وعنه: تصح).
أما كون الإجارة على ما ذكر لا تصح على المذهب؛ فلأن من شرط صحة هذه الأفعال كونها قربة إلى الله تعالى فلم يصح أخذ الأجرة عليها؛ كما لو استأجر قوماً يصلون خلفه الجمعة والتراويح.
وأما كونها تصح على روايةٍ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلاً بما معه من القرآن» (¬2) متفق عليه.
وإذا صح كون تعليم القرآن عوضاً في باب النكاح وقام مقام المهر صح أخذ الأجرة عليه في الإجارة.
وثبت «أن أبا سعيد رقَى رجلاً بفاتحة الكتابِ على جُعل فبرَأ، وأخذَ الصحابةُ الجعلَ، وأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه وسألوه. فقال: لَعمرِي! لَمنْ أكلَ برقيةٍ باطلٍ. لقدْ أكلتَ برقيةٍ حقٍ. كلوا واضربوا لي معكمْ بِسهم» (¬3).
ولأنه يصح أخذ الرزق عليه من بيت المال فصح أخذ الأجرة عليه كبناء المساجد والقناطر.
والأول أصح؛ لما روى عثمان بن أبي العاص قال: «آخرُ ما عهدَ إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اتخذْ مُؤذناً لا (¬4) يأخذُ على أذانِهِ أَجْراً» (¬5) قال الترمذي: هذا حديث حسن.
¬__________
(¬1) في هـ: القرب.
(¬2) أخرجه البخاري في صحيحه (4842) 5: 1973 كتاب النكاح، باب السلطان ولي.
وأخرجه مسلم في صحيحه (1425) 2: 1040 كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن ...
(¬3) أخرجه البخاري في صحيحه (4721) 4: 1913 كتاب فضائل القرآن، باب فضل فاتحة الكتاب.
وأخرجه مسلم في صحيحه (2201) 4: 1727 كتاب السلام، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار. كلاهما من دون قوله: «فقال: لَعمرِي لَمنْ أكلَ برقيةٍ باطلٍ لقدْ أكلتَ برقيةٍ حق». وهذه اللفظة أخرجها أبو داود في سننه من حديث خارجة بن الصلت عن عمه «أنه مر بقوم فأتوه فقالوا: إنك جئت من عند هذا الرجل بخير. فارق لنا هذا الرجل. فأتوه برجل معتوه في القيود. فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشية وكلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل فكأنما أنشط من عقال. فأعطوه شيئا. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره له. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كل فلعمري لمن أكل برقيةٍ باطلٍ لقد أكلت برقية حق». (3420) 3: 266 كتاب البيوع، باب في كسب الأطباء.
(¬4) في هـ: أن لا.
(¬5) أخرجه الترمذي في جامعه (209) 1: 409 أبواب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن على الأذان أجراً.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (714) 1: 236 كتاب الأذان والسنة فيها، باب السنة في الأذان.