كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 2)

فصل في المناضلة
المناضلة: المسابقة بالسهام. ويقال: نضال وكلاهما مصدر ناضل. يقال: ناضله نضالاً ومناضلة؛ مثل: قاتله قتالاً ومقاتلة.
والأصل في ذلك الكتاب والسنة: أما الكتاب فقوله تعالى: {قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا} [يوسف: 17] قيل معناه: يسابق بعضنا بعضاً في الرمي، ويعضده قراءة من قرأ: ننتضل.
وأما السنة فما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه خرجَ على أصحابٍ له يَنتضِلونَ. فقال: ارمُوا وأنا مع ابن الأدرع. فأمسكَ الآخرون وقالوا: يا رسولَ الله! كيفَ نرمِي وأنتَ معَ ابنِ الأدرع؟ فقال: ارمُوا وأنا مَعكمْ كلكُم» (¬1) متفق عليه.
وعنه عليه السلام أنه قال: «إن الملائكةَ لا تحضرُ من لَهوِكمْ إلا الرهان والنضال» (¬2).
قال الأزهري: الرهان في الخيل، والنضال في الرمي، والسباق فيهما.
قال المصنف رحمه الله: (ويشترط لها شروط أربعة:
أحدها: أن تكون على من يحسن الرمي. فإن كان في أحد الحزبين من لا يحسنه بطل العقد فيه، وأخرج من الحزب الآخر مثله. ولهم الفسخ إن أحبوا).
أما كون المناضلة يشترط لها شروط أربعة؛ فلما يأتي ذكره فيها.
وأما كون أحد الشروط المذكورة: أن تكون على من يحسن الرمي؛ فلأن من لا يحسن الرمي وجوده كعدمه.

ولأن الغرض معرفة الحذق، ومن لا يحسن الرمي لا حذق له، ولا يحصل لمن غلبه ميزة.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه (2743) 3: 1062 كتاب الجهاد والسير، باب التحريض على الرمي. ولم أره في مسلم.
(¬2) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2453) 2: 172 كتاب الجهاد، باب ما جاء في الرمي وفضله.

الصفحة 795