كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 2)

وأما قول المصنف رحمه الله: طوله وعرضه وسمكه وارتفاعه من الأرض فبيان لقدر الغرض.
وأما معنى ذلك كله فمعلوم لأهله.
قال: (وإن تشاحّا في المبتدأ بالرمي أقرع بينهما. وقيل: يُقدم من له مزية بإخراج السبق. وإذا بدأ أحدهما في وجه بدأ الآخر في الثاني).
أما كونه يقرع بينهما مع التشاح على المذهب؛ فلأنه يميز ما أشكل.
ولأن مقتضى العقد التساوي والقرعة مشروعة (¬1) عند ذلك لأن تقديم أحدهما من غير قرعة ترجيح من غير مرجح.
وأما كونه يقدم من له مزية بإخراج السبق على وجهٍ؛ فلأن له نوعاً من الترجيح فيجب أن يقدم به.
فعلى هذا إن كان العوض من أحدهما قدم صاحبه، وإن كان العوض من أجنبي قَدَّم صاحبُ العوض من شاء منهما.
قال صاحب النهاية فيها: الصحيح أنه لا يبدأ أحدهما إلا بالقرعة لأن العقد موضوع على أن لا يفضل صاحب السبق على صاحبه.
وأما كون أحدهما يبدأ في الوجه الثاني إذا بدأ صاحبه في الأول فلتحصل المساواة بينهما.
قال: (والسنة أن يكون لهما غرضان إذا بدأ أحدهما بغرض بدأ الآخر بالثاني).
أما كون السنة أن يكون للمتناضلين غرضان يرميان إلى أحدهما ثم يمضيان فيأخذان السهام ثم يرميان إلى الغرض الآخر؛ فلأن ذلك فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين الغرضين روضة من رياض الجنة» (¬2).
وقال إبراهيم التيمي: «رأيتُ حذيفةَ يشتدّ بين الغرضينِ يقولُ: أنا بها» (¬3).
وعن ابن عمر مثله (¬4).
¬__________
(¬1) في هـ: مشرعة.
(¬2) أخرجه الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب (2245) 2: 43 عن أبي هريرة: «تعلموا الرمي. فإن ما بين الهدفين روضة من رياض الجنة».
(¬3) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2458) 2: 173 كتاب الجهاد، باب ما جاء في الرمي وفضله.
(¬4) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2459) الموضع السابق.

الصفحة 798