كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 2)

لا تَقهِ الموتَ وقيّاتُه ... خُطَّ له ذلك في المَحْبَلِ
ويُروى المَحبِل بالكسر، قال أبو سعيد: إن أراد حين حملتْ به أمّه فهو في وقت الحبل في المحبَل مفتوحة، وإن كان يريد الموتَ قال: المَحبِل بالكسر (¬1). قال: وهو الكتاب حيث تَحبِله المنيّة؛ والرواية بالفتح.
ليس لميْتٍ بوَصيلٍ وقد ... علِّق فيه طَرَفُ المَوْصِل
يقول: ليس (¬2) الحيُّ بمتّصل بالميّت؛ يقول: الميّت قد انقطع، فذهبتْ منه مُواصَلتُه. وقد عُلِّق فيه السبب الّذي يصير به إلى ما صار الميّت؛ يقول: قد عُلِّق فيه الأجل، فهو يستوصِله إليه أي إلى الموت. يقول: هو اليوم حيّ. يريد أن يصيِّره إلى الموت، فكأنه متعلِّق به وإن كان قد فارقه. والوَصِيل: الذي بينه وبين صاحبه متّصَل. قال: والوَصول الّذي يصل وليس بينه وبين صاحبه صِلة، وأنشد أبو سعيد:
¬__________
(¬1) في اللسان (مادة حبل) أن المحبل بالكسر موضع الحبل من الرحم، ثم ذكر بيت المتنخل هذا ورواه بكسر الباء في المحبل شاهدا على المعنى. ثم قال نقلا عن أبي منصور: أراد معنى حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما نطفة، ثم علقة كذلك، ثم مضغة كذلك، ثم يبعث الله الملك فيقول له: اُكتب رزقه وعمله وأجله، وشقي أو سعيد، فيختم له على ذلك" الخ.
(¬2) ذكر في اللسان (مادة وصل) بعد أن أورد هذا البيت عدّة أقوال في تفسيره، فذكر عن ابن السكيت أنه دعاء لرجل، أي لا وصل هذا الحي بهذا الميت أي لا مات معه ولا وصل بالميت؛ ثم قال: وقد علق فيه طرف من الموت، أي سيموت ويتصل به. قال ابن سيده: والمعنى فيه عندي على غير الدعاء، إنما يريد ليسَ هو ما دام حيا بوصيل للميت، على أنه قد علق فيه طرف الموصل، أي أنه سيموت لا محالة فيتصل به وإن كان الآن حيا. وقال الباهلي: يقول بأن الميت فلا يواصله الحي، وقد علق في الحي السبب الذي بوصله إلى ما وصل إليه الميت.

الصفحة 14