كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 2)

لَباتَ أُسوةَ حَجّاجٍ وإخوتِه ... في جَهدنا أو له شِفٌّ وتمزيزُ
يقول: بات أُسوةً أي لو كان ضيفا (¬1)؛ ويقال كذا وكذا أَمَرُّ مِن كذا وكذا أي أفضل. والشَّفّ: الفَضْل؛ وبعضهم يجعل الشَّفّ النقصان، وهو ها هنا الفضل. وتمزِيز، أي له مِزّ فوق ذلك وفضل وقِرًى أفضل مما لغيره، كما تقول: فلان أمزّ مِن فلان، أي أقوى مِنه وأشد:
يا ليته كان حظّى مِن طعامكما ... أَنِّي أَجَنَّ سوادِى عنكما الجِيز
الجِيز: شِقّ الوادي الذي أنت في غيره (¬2)؛ ويقال: نحن بهذه الجِيزة وفلان بالجِيزة الأخرى. قال أبو سعيد: وأهل الطائف يسمّون الشِّقّ الذي ليس فيه المسجد جِيزا.
إنّ الهوان فلا يَكذِبكما أحدٌ ... كأنه في بياض الِجلد تحزِيز
يقال (¬3): إذا أهين الرجل فكأنما جِلدُه يُحَزّ، أي يجد وجعَه كما يجد وجعَ حزٍّ في جسدِه.
يا ليت شِعرى وهَمُّ المرءِ يُنصِبه ... والمرء ليس له في العيش تحرِيز
يقول. ليس له حِرز من الموت. يُنصِبُه: يُشخصُه (¬4).
هل أجزِينّكما يوما بقَرضِكما ... والقَرْض بالقرض مَجزِيٌّ ومَجْلوزُ
¬__________
(¬1) يشير إلى أن قوله "لبات" جواب لقوله السابق "لو أنه جاءني جوعان" الخ.
(¬2) هذا أحد تفسيرين فسر بهما الجيز في هذا البيت. وفسر أيضا بأنه القبر قاله ثعلب اللسان (مادة جيز).
(¬3) صوابه "يقول".
(¬4) الصواب تفسير "ينصبه" في هذا البيت بمعنى يتعبه، من النصب بالتحريك، وهو التعب.

الصفحة 17