كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 2)

وقال أيضا
لا يَنْسَإِ اللهُ منّا معشرا شَهدوا ... يوم الأُمَيْلِحِ لا غابوا ولا جَرَحوا (¬1)
لا ينسأ، قال أبو سعيد: يريد لا يؤخِّر الله آجالَهم، عجّل الله موتَهم وفناءهم؛ ومثلُه قوله: "عَرَفَتْني نَسَأَها (¬2) الله أي أخّرها الله".
كانوا نَعائمَ حَفّانٍ منفَّرةً ... مُعْطَ الحُلوقِ إذا ما أدرِكوا طَفَحوا
يقول: طاروا كما تطير التعائم. وطَفَحوا: عَلَوا وذهبوا في الأرض، أي عَدوْا؛ ويقال: طَفَح يطفَح طَفْحا إذا تباعد واتسع. ويقال: تركتُ النهر يَطفَح أي ممتلئا قد اتّسع في الأرض. وقال ابن أحمد: طَفّاحة الرِّجلين، أي واسعة الخَطْو. وقوله: كانوا نعائمَ حَفّان، وحَفّانه: صِغاره، أي صِغار النَّعام.
لا غَيَّبوا شِلْوَ حَجاّجٍ وشَهِدوا ... جَمَّ القتالِ فلا تَساءَلْ بما افتَضَحوا
جَمّ القِتال وجَمّ كل شيء: معظمه. وشِلْو كلّ شيء: بقيتّه.
عَقُّوا بسهمٍ فلم يشعر به أحدٌ ... ثم استفاءوا وقالوا حَبّذا الوَضَحُ
عَقُّوا بسهم أي رَموا به في السماء (¬3). وقالوا حَبّذا الوَضَح؛ حبّذا اللَّبَن نرَجِع اليه. واستفاءوا: رجعوا.
¬__________
(¬1) في خزانة الأدب ج 2 ص 137 "لا عاشوا ولا مرحوا".
(¬2) لم نجد هذه العبارة فيما راجعناه من الكتب.
(¬3) في خزانة الأدب ج 2 ص 137 أن التعقية سهم الاعتذار وأصل هذا أن يقتل الرجل رجلا من قبيلته فيطلب الرجل بدمه، فتجتمع جماعة من الرؤساء إلى أولياء المقتول بدية مكملة، ويسألونهم العفو وقبول الدية، فإن كان أولياؤه ذوي قوى أبوا ذلك، وإلا قالو لهم: بيننا وبين خالقنا علامة للأمر والنهي، فيقول الآخرون: ما علامتكم؟ فيقولون: أن نأخذ سهما فترمى به نحو السماء، فإن رجع إلينا مضرجا بالدم فقد نهينا من أخذ الدية، وإن رجع كما صعد فقد أمرنا بأخذها وحينئذ مسحوا لحاهم وصالحوا على الدية، وكان مسح اللحية علامة على الصلح الخ ما ذكر.

الصفحة 31