كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 2)

يقول: يَبعُد منه وِجْدانُه، أي لا يجده إلّا بعيدا. ومعناه لا يجده أبدا. قال: ويَروَى، "بوِجدان شديد".

وقال صخر أيضا
لِشَمّاءَ بعد شَتاتِ النَّوَى ... وقد كنتُ أَخْيَلْتُ بَرْقا وَليفَا
أخيلتُ: رأيتُ المَخيلة، والمَخِيلة، هو الّذى يُتخيّل (¬1). ويقال: أخيَلَتِ السماءُ بعد (¬2). ووَلِيفا: متتابِعا اثنين اثنين، مرتين مرّتين. قال أبو سعيد: سمعتُ عيسى بنَ عمر يقول: كان رؤبة يُنشد:
* والرَّكْضُ يومَ الغارةِ الإيلاف *
والوِيلاف. وبعض العرب يقول: وَلَّف بينهم، والأكثر يقول: أَلَّف بينهم.
وسمعت أبا عَمرٍو يقول: اجتمعوا من شَتات. والشَّتات: اسم الشَّتّ.
أَجَشَّ رِبَحْلاً له هَيْدَبٌ ... يكشِّف للخال رَيْطا كَشيفا
أَجَشّ: سحاب (¬3)؛ لأنّه ذَكَر البرقَ فعُلمِ أنّ ثَمّ سحابا، والرِّبَحْل: الثقيل. والخال: المَخِيلة، يعني سحابا ذا مَخِيلة. يكشِّف للخال، أي الغَيم الذي فيه الخَيلة. والرَّيْط: البَرْق (¬4). كشِيفا "أي يكشفه (¬5) من أجل الّذي فيه"، وأنشَدَنا لأوس بن حجر:
¬__________
(¬1) كان الأولى أن يقول: "هي التي تتخيل" أي السحابة التي يظن أنها ماطرة.
(¬2) يلاحظ أنه لامقتضى لقوله "بعد" في هذه العبارة.
(¬3) في كتب اللغة أن الأجش من السحب الشديد الصوت برعده، ليس مطلق السحاب.
(¬4) تفسير الريط بالبرق إنما هو على طريق التشبيه. وعبارة السكرى "ويعني بالريط البرق إذا انكشف".
(¬5) كذا ورد هذا التفسير في الأصل للكشيف؛ وهو غير ظاهر. والذي في شرح أشعار الهذليين للسكرى ص 42 طبع أوربا: كشيفا مكشوفا. وفي اللسان (مادة كشف) ريط كشيف: مكشوف وأنشد بيت صخر هذا، ورواه "يرفع للخال"، الخ. ثم نقل عن أبي حنيفة أنه يعنى أن البرق إذا لمع أضاء السحاب فتراه أبيض، فكأنه كشف عن ريط.

الصفحة 68