كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 2)

يقول: التَّطَّ سُتِر. يقول: أَخذ السماءَ كلَّها ببرق وبرعد، حتي التَطَّ هذا السحابُ حتي لا ترى من السحاب (¬1) شيئا إلا كلّما برَقت بَرْقة، أي كأنه ستَر السماءَ بارقا وراعدا. وشُؤْبُوبُه، مَطْرةٌ ودَفْعة شديدة ليست بعريضة. وبُرْقة الأَجْوَل: موضع.
أسدَفُ منشَقٌّ عُراهُ فذو الـ ... إِدماثِ ما كان كذي المَوْئلِ
الأَسَدف: الأسوَد. وقوله منشَقّ عُراه، يقول: كأنّ عُرا هذا السحابِ قد انشقّتْ من كثرة مائه؛ وعُراه: نواحيه. يقول: نواحي هذا السحاب انبعجتْ بالماء. وهذا مَثَل ضرَبَه من غُزره، وهو مِثل قول الشاعر:
* وَهتْ أعجازُ رَيِّقِه فحارا *
يقول: وهت بالماء. ويقال: غَزُر السحابُ الأسوَد. وهذا مثل قول امريء القيس بن حُجْر:
* أَلَّح عليها كلُّ أسودَ هَطّالِ *
قال أبو سعيد: وسمعتُ أعرابيّا يقول: إذا رأيتَ السحابةَ كأنّها بطنُ أَتانٍ قَمراءَ (¬2) فهي أغزر ما تكون. وقوله: فذو الإدماث ما كان كذي الموئل، الموئل: المَلجأ من هذا المطر. يقول: من كان بدَمِثٍ من الأرض ومن كان بنَجْوةٍ فهما سواء لا يُحرِزهما من هذا المطر شيء، قد علا هذا السيلُ على كلّ شيء. يقول: الذي صار في مَعقِل قد غشيه، وهذا مِثلُ قول أَوْس بن حَجَر:
¬__________
(¬1) كذا في كلا الأصلين. ولعله "من السماء".
(¬2) القمرة: بياض فيه كدرة. قاله في اللسان؛ ثم نقل بعد ذلك عن ابن قتيبة ما نصه: الأقمر الأبيض الشديد البياض، والأنثى قمراء. ويقال للسحاب الذي يشتدّ ضوءه لكثرة مائه: سحاب أقمر الخ.

الصفحة 7