توالِيه، يعنِي مآخيرَ هذا الغيم تَسُوق. يَسوقُ فيها صوتٌ كصوت النصارى. يقول: يَسُوقون (¬1) في عيد لهم. لاقَوا حنيفا فاحتفَلوا له في هذا العيد، والحَنيف من غير دينهم، فاحتفَلوا له. وكذلك من لقى من هو على غير دينه فأَحلط (¬2). يقول: لا يكاد يَبرَحِ مِثلَ هؤلاء النّصارى الّذين عَزَفوا (¬3).
فأَصبحَ ما بين وادى القُصو ... ر حتّى يَلَمْلَمَ حوضا لَقِيفا
اللَّقيف: المتلجِّف (¬4) الأصل الذي قد أكل الماءُ أسفلهَ. يقول: تَرَك السيلُ ما بين هذين الموضعين حوضا واحدا. ووادى القصور ويلَمْلَم: موضعان (¬5).
له ماتِحٌ وله نازِعٌ ... يَجُشّان بالدَّلو ماءً خَسيفا
له ماتح وله نازع، يقول: هذا الغيم قد استَقَى من الغيم، فكأنّ له ماتحا يملأ دَلْوَه. وله نازع ينَزعها، يعني الدَّلو؛ وهذا مَثَل. يقول: فهذان يُخرجان ما في البئر
¬__________
(¬1) كذا ورد هذا التفسير في الأصل. وقد فسره السكرى على أنه يساقون بفتح القاف، من السقيا قال في شرحه هذا البيت ما نصه: يساقون يسقون في عيدهم. لاقوا حنيفا فاحتفلوا له لاقوا رجلا من غيرهم فاحتشدوا له ولهم ضجة. وتواليه: أواخره. ويساقون يسقى بعضهم بعضا ... والحنيف: المسلم هاهنا. الجمحى، لاقوا حنيفا فكفروا له. ابن حبيب، يساقون أي يسقون كما قالوا: يثانيه أي يثنيه. والملا: أرض مستوية. أهـ.
(¬2) ورد الإحلاط في كتب اللغة بعدة معان: منها الإقامه بالمكان، والجدّ في الأمر، والغضب؛ وكل من هذه المعاني تصح إرادته هنا، غير أن قوله بعد "يقول: لا يكاد يبرح" الخ يرجح تفسير الإحلاط هنا بالمعنى الأوّل.
(¬3) عزفوا، أي لهوا وغنوا ولعبوا بالمعازف، وهي الطنابير ونحوها.
(¬4) عبارة بعض اللغويين في تفسير اللقيف "لقف الحوض لقفا بالتحريك: تهوّر من أسفله". وهو بمعنى المتلجف.
(¬5) وادى القصور في بلاد هذيل. ويلملم: جبل من الطائف على ليلتين أو ثلاث، وهو ميقات أهل اليمن.