كتاب مختصر تفسير ابن كثير (اسم الجزء: 2)
بالناس، قال تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} أَيْ فِيمَا قَصَدُوا وَفِيمَا نَوَوْا، وَإِنَّمَا بَنُوهُ ضِرَارًا لِمَسْجِدِ قُبَاءٍ، وَكَفْرًا بِاللَّهِ وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِرْصَادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل، وهو أبو عامر الفاسق لَعَنَهُ اللَّهُ. وَقَوْلُهُ: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} نهي له صلى الله عليه وسلم وَالْأُمَّةُ تَبَعٌ لَهُ فِي ذَلِكَ عَنْ أَنْ تقوم فيه: أي يصلي أبداً، ثم حثه على الصلاة بمسجد قباء الذي أسس من يوم بنيانه عَلَى التَّقْوَى، وَهِيَ طَاعَةُ اللَّهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ وجمعاً لكلمة المؤمنين وَمَوْئِلًا لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ}، وَالسِّيَاقُ إِنَّمَا هُوَ فِي مَعْرِضِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ كَعُمْرَةٍ»، وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَزُورُ مَسْجِدَ قُبَاءٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا، وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَنَاهُ وَأَسَّسَهُ أَوَّلَ قُدُومِهِ وَنُزُولِهِ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، كَانَ جِبْرِيلُ هُوَ الَّذِي عَيَّنَ لَهُ جِهَةَ القبلة والله أعلم.
قال الإمام أحمد، عن عويم بن ساعدة الأنصاري أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْكُمُ الثَّنَاءَ فِي الطَّهُورِ فِي قِصَّةِ مَسْجِدِكُمْ فَمَا هَذَا الطَّهُورُ الَّذِي تَطَهَّرُونَ بِهِ؟» فَقَالُوا: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَعْلَمُ شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لَنَا جِيرَانٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَكَانُوا يَغْسِلُونَ أَدْبَارَهُمْ مِنَ الْغَائِطِ، فغسلنا كما غسلوا. وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مَسْجِدُ قُبَاءٍ جَمَاعَةٌ مِنَ السلف (منهم ابن عباس وعروة بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالشَّعْبِيُّ والحسن البصري وسعيد بن حبان وقتادة وغيرهم). وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي في جوف المدنية هُوَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى؛ وَهَذَا صَحِيحٌ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْآيَةِ وَبَيْنَ هَذَا لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ قَدْ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، فَمَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى؛ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: اخْتَلَفَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التقوى، أحدهما قال: هو مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ مَسْجِدِ قُبَاءٍ، فَأَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَاهُ فَقَالَ: «هو مسجدي هذا». وفي رواية أخرى عن أبي سعيد الخدري قَالَ: تَمَارَى رَجُلَانِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يوم، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: هُوَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ، وَقَالَ الْآخَرُ: هو مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هو مسجدي هذا» (رواهما الإمام أحمد رضي الله عنه). وقال الإمام أحمد، عن أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: تَمَارَى رَجُلَانِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: هُوَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هو مسجدي». (رواه أحمد والترمزي والنسائي).
(طريق آخَرُ): قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أنيس بن يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: اخْتَلَفَ رَجُلَانِ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي خُدْرَةَ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فَقَالَ الْخُدْرِيُّ: هُوَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الْعَمْرِيُّ: هُوَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ، فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «هُوَ هَذَا الْمَسْجِدُ»، لَمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال في ذلك يعني مسجد قباء، وَقَدْ قَالَ: بِأَنَّهُ مَسْجِدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَقَوْلُهُ: {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ
إن أولاء قَدْ بَغَوْا عَلَينَا * إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أبَيْنَا.
ويرفع صلى الله عليه وسلم صوته يقوله: أبينا، ويمدها، وقدر روى هذا بزحاف في الصحيحين أيضاً، وكذا ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ رَاكِبٌ الْبَغْلَةَ يُقْدِمُ بِهَا فِي نُحُورِ الْعَدُوِّ:
أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ * أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ.
لَكِنْ قَالُوا: هَذَا وَقَعَ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِوَزْنِ شِعْرٍ، بَلْ جَرَى عَلَى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ قصد إليه، وكذلك كا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ، فَنَكِبَتْ أُصْبُعُهُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ * وَفِي سَبِيلِ الله ما لقيت.
وَكُلُّ هَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ما علم شعراً وَمَا يَنبَغِي لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا عَلَّمَهُ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ {الذِي لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}، وَلَيْسَ هُوَ بِشِعْرٍ كَمَا زَعَمَهُ طَائِفَةٌ مِنْ جهلة كفار قريش، ولا كهانة وَلَا سِحْرٍ يُؤْثَرُ، كَمَا تَنَوَّعَتْ فِيهِ أَقْوَالُ الضُّلَّالُ وَآرَاءُ الْجُهَّالِ، وَقَدْ كَانَتْ سَجِيَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْبَى صِنَاعَةَ الشِّعْرِ طَبْعًا وشرعاً. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِأَنَّ يَمْتَلِئُ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شعراً» (أخرجه الإمام أحمد عن أبي هريرة مرفوعاً، قال ابن كثير. وإسناده على شرط الشيخين ولم يخرجاه).
عَلَى أَنَّ الشِّعْرَ فِيهِ مَا هُوَ مَشْرُوعٌ وَهُوَ هِجَاءُ الْمُشْرِكِينَ، الَّذِي كَانَ يَتَعَاطَاهُ شُعَرَاءُ الْإِسْلَامِ، كَحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَأَمْثَالِهِمْ وَأَضْرَابِهِمْ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَمِنْهُ مَا فِيهِ حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ وَآدَابٌ، كَمَا يُوجَدُ فِي شِعْرِ جَمَاعَةٍ من الجاهلية، ومنهم (أمية ابن أبي الصلت) الذي قال فِيهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آمَنَ شِعْرُهُ وَكَفَرَ قَلْبُهُ»، وَقَدْ أَنْشَدَ بَعْضُ الصحابة رَّضِيَ الله عَنْهُمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ بَيْتٍ يقول صلى الله عليه وسلم عَقِبَ كُلِّ بَيْتٍ: «هِيهِ»، يَعْنِي يَسْتَطْعِمُهُ فَيَزِيدُهُ من ذلك، وفي الحديث: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حكماً» (أخرجه أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وابن عباس رضي الله عنهما)، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَلَّمَهُ الله الشعر، {وَمَا يَنبَغِي لَهُ} أَيْ وَمَا يَصْلُحُ لَهُ {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ} أَيْ مَا هَذَا الَّذِي عَلَّمْنَاهُ {إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ} أَيْ بيِّن وَاضِحٌ جَلِيٌّ لِمَنْ تَأْمَّلَهُ وتدبره، ولهذا قال تعالى: {لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً} أَيْ لِيُنْذِرَ هَذَا القرآن المبين كُلَّ حَيٍّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، كَقَوْلِهِ: {لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بلغ}، وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِنِذَارَتِهِ مَنْ هُوَ حَيُّ الْقَلْبِ مستنير البصيرة، كما قال قتادة: جي الْقَلْبِ، حَيُّ الْبَصَرِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي عَاقِلًا، {وَيَحِقَّ القول عَلَى الكافرين} أي وهو رحمة للمؤمنين وحجة على الكافرين.
- 71 - أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ
- 72 - وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ
- 73 - وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ
يَذْكُرُ تَعَالَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى خَلْقِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَنْعَامِ الَّتِي سَخَّرَهَا لَهُمْ {فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ} قَالَ قَتَادَةُ: مُطِيقُونَ أَيْ جَعَلَهُمْ يَقْهَرُونَهَا وَهِيَ ذَلِيلَةٌ لَهُمْ، لَا تَمْتَنِعُ مِنْهُمْ بَلْ لَوْ جَاءَ صَغِيرٌ إِلَى بَعِيرٍ لَأَنَاخَهُ،
وَلَوْ شَاءَ لَأَقَامَهُ وَسَاقَهُ -[171]- وَذَاكَ ذَلِيلٌ مُنْقَادٌ مَعَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْقِطَارُ مِائَةُ بَعِيرٍ أَوْ أَكْثَرُ لَسَارَ الْجَمِيعُ بسير الصغير، وقوله تعالى: {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} أَيْ مِنْهَا مَا يَرْكَبُونَ فِي الْأَسْفَارِ، وَيَحْمِلُونَ عَلَيْهِ الْأَثْقَالَ إِلَى سَائِرِ الْجِهَاتِ وَالْأَقْطَارِ، {وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} إِذَا شَاءُوا نَحَرُوا وَاجْتَزَرُوا، {وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} أَيْ مِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ {وَمَشَارِبُ} أَيْ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا لِمَنْ يَتَدَاوَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، {أَفَلاَ يَشْكُرُونَ}؟ أَيْ أَفَلَا يُوَحِّدُونَ خَالِقَ ذَلِكَ وَمُسَخِّرَهُ وَلَا يُشْرِكُونَ بِهِ غَيْرَهُ؟
الصفحة 170