كتاب مختصر تفسير ابن كثير (اسم الجزء: 2)

- 110 - سورة النصر.
[مقدمة]
روى الحافظ أبو بكر البزار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَعَرَفَ أَنَّهُ الْوَدَاعُ، فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ فَرَحَلَتْ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَذَكَرَ خُطْبَتَهُ المشهورة (أخرجه البزار والبيهقي)، وروى الحافظ البيهقي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ، وَقَالَ: «إِنَّهُ قَدْ نُعِيَتْ إليَّ نَفْسِي» فَبَكَتْ ثُمَّ ضَحِكَتْ، وَقَالَتْ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ قَالَ: «اصْبِرِي فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لِحَاقًا بي» فضحكت (أخرجه البيهقي ورواه النسائي بنحوه بِدُونِ ذِكْرِ فَاطِمَةَ).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
- 1 - إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ
- 2 - وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا
- 3 - فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ واستغفره إنه كان تَوَّاباً

روى البخاري، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: لِمَ يُدْخِلْ هَذَا مَعَنَا، وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ، فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ، فَمَا رأيت أنه دعاني يومئذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمَرَنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نَصَرَنَا وَفَتَحَ عَلَيْنَا، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: أَكَذَلِكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ: مَا تَقُولُ؟ فَقُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ قَالَ: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فَذَلِكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ {فسِّبح بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا أَعْلَمُ منها إلاّ ما تقول (أخرجه البخاري في صحيحه). وروى الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُعِيَتْ إليَّ نَفْسِي»، وأنه مقبوض في تلك السنة، وهكذا قال مجاهد وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِنَّهَا أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعي إليه، وعن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ قَالَ: نعيت

الصفحة 687