كتاب تاريخ الإسلام ت بشار (اسم الجزء: 2)

-وَقْعَةُ جُوَاثَا
بَعَثَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيَّ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَانُوا قَدِ ارْتَدُّوا إِلَّا نَفَرًا ثَبَتُوا مَعَ الْجَارُودِ، فَالْتَقَوْا بِجُوَاثَا فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَاصَرَهُمُ الْعَلَاءُ بِجُوَاثَا حَتَّى كَادَ الْمُسْلِمُونَ يَهْلِكُونَ مِنَ الْجَهْدِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ سَكِرُوا لَيْلَةً فِي حِصْنِهِمْ، فَبَيَّتَهُم الْعَلَاءُ، فَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ جُوَاثَا لَا يَوْمَ الْيَمَامَةِ، شَهِدَ بَدْرًا.
وَفِيهَا بَعَثَ الصِّدِّيقُ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ إِلَى عُمَانَ وَكَانُوا ارْتَدُّوا، وَبَعَثَ الْمُهَاجِرَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيَّ إِلَى أَهْلِ النُّجَيْرِ وَكَانُوا ارْتَدُّوا، وَبَعَثَ زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ إِلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمُرْتَدَّةِ.
فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ زِيَادًا بَيَّتَهُمْ فقتل ملوكا أربعة: جمدا، وَمِخْوَصًا، وَمِشْرَحًا، وَأَبْضَعَةَ.
وَفِيهَا أَقَامَ الْحَجَّ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ.
-أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ، اسم أبي العاص لقيط بْن الرَّبِيعِ بْن عَبْد العُزَّى بْن عَبْد شمس، وقيل: ابن الربيع بن ربيعة، بدل عَبْد العُزَّى، ابْنِ عَبْدِ شَمْسٍ بْن عَبْد مناف الْعَبْشَمِيُّ. [المتوفى: 12 ه]
-[48]-
زَوْجُ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنُ خَالَتِهَا هَالَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ. فَوَلَدَتْ مِنْ أَبِي الْعَاصِ عَلِيًّا وَمَاتَ صَغِيرًا، وَأُمَامَةَ وَهِيَ الَّتِي حَمَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ. وَقَدْ تَزَوَّجَ عَلِيٌّ أُمَامَةَ بَعْدَ مَوْتِ خَالَتِهَا فَاطِمَةَ.
وَكَانَ أَبُو الْعَاصِ يُسَمَّى جَرْوَ الْبَطْحَاءِ، أَسْلَمَ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ.
وَقَالَ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْنَى عَلَى أَبِي الْعَاصِ فِي مُصَاهَرَتِهِ، وَقَالَ: " حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، ووعدني فوفاني ".
قُلْتُ: كَانَ وَعَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ زَيْنَبَ بِنْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوْجَتَهُ، فَوَفَى بِذَلِكَ وَفَارَقَهَا مَعَ حُبِّهِ لَهَا. وَكَانَ مِنْ تُجَّارِ قُرَيْشٍ وَأُمَنَائِهِمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ شَأْنِهِ بَعْدَ بَدْرٍ. تُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَأَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ.

الصفحة 47