الكأس، فالظرف: الكأس، والمظروف: الماء، والجهاد في سبيل الله لا بد أن يكون في سبيل الله؛ أي: في شرعه الذي شرعه.
وقوله: {بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} الباء هذه كقولك: قطعت بالسكين، وضربت بالعصا، فهي للتعدية، يعني: أنها لبيان الأداة التي حصل بها الجهاد، والجهاد يكون بالأموال، ويكون بالأنفس، وقدم الله الجهاد بالأموال لسببين:
السبب الأول: أنه أهون على الإنسان، فالمال أهون على الإنسان في الغالب.
والشيء الثاني: قد يكون نفعه أكثر؛ لأن الإنسان بنفسه يقاتل، ويقتل من شاء الله، لكن إذا كان ذا مال كثير وبذل أموالًا عظيمة فإنه يموَّن من المجاهدين عشرات أو مئات أو أكثر.
وقوله: {وَأَنْفُسِهِمْ} يعني: ذواتهم.
ثم بيَّن الله عزّ وجل وجه انتفاء الإستواء وقال: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً}، وهذه الدرجة لم يبينها الله عزّ وجل، لكن قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأنعام: ١٣٢] يستفاد منها أن هذه الدرجة درجة عظيمة كبيرة ليست هينة، وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن في الجنة مائة درجة أعدها الله تعالى للمجاهدين في سبيله (¬١).
وقوله: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} "كُلًّا" نصبت؛ لأنها مفعول مقدم، و {الْحُسْنَى} مفعول ثانٍ، ولا يكون هذا من باب الإشتغال؛ لأن العامل لم يشتغل بضمير المفعول.
---------------
(¬١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب درجات المجاهدين في سبيل الله (٢٧٩٠) عن أبي هريرة.