كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

وقوله: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} التوكل على الله قال العلماء: هو صدق الإعتماد على الله عزّ وجل، مع الثقة به، وفعل السبب الذي أمر به، فهو مكون من ثلاثة معانٍ:
الأول: صدق الإعتماد على الله.
الثاني: الثقة بالله عزّ وجل؛ لأن التوكل لا ينفع إذا لم يكن صاحبه واثقًا بوعد الله، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣].
الثالث: فعل الأسباب التي أمر بها، فمن لم يفعل الأسباب فهو ليس متكلًا، ولكنه متواكل، فلا بد من فعل الأسباب.
وقولنا: التي أُمر العبد بها: احترازًا من فعل الأسباب التي لا حقيقة ولا أصل لها، كما يفعله المشعوذون وأصحاب التمائم غير المباحة، وما أشبه ذلك.
وقوله: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} سبق إعراب مثل هذه الجملة عند قوله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: ٧٩] وقلنا: إن الباء حرف جر زائد، وأن لفظ الجلالة محله الرفع على أنه فاعل، و {وَكِيلًا} إما تمييز وإما حال.

من فوائد الآية الكريمة:
١ - بيان الله عزّ وجل للرسول عليه الصلاة والسلام أن من الناس من يؤمن ظاهرًا ويكفر باطنًا، لقوله: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ}.
٢ - التحذير من النفاق، وأن الإنسان يجب أن يكون صريحًا بينًا لا يَظهر للناس بوجه وإذا اختفى عنهم أعطاهم وجهًا آخر؛ ولهذا لا أحسن من الشخص الصادق الذي لا يباري ولا

الصفحة 11