كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

لا ترجو حصول المنافع إلا منه، ولا دفع المضار إلا منه سبحانه.
والتوكل على الله معناه: تفويض الأمر إليه، وصدق الإعتماد عليه، والثقة به سبحانه.
وهل يجوز أن يطلق هذا اللفظ على المخلوق كأن يقول قائل: توكلت على فلان في شراء سيارة لي؟
الجواب: يجوز، والفرق بين هذا وبين التوكل على الله، أن التوكل على الله تفويض مطلق يعتقد المتوكل فيه أنه مفتقر إلى الله عزّ وجل، أما هذا فهو تفويض مقيد، ثم إن الموكَّل أو المتوكِل يرى أن المتوكِّل عليه في رتبة أقل من رتبته، فهذا هو الفرق، لكن لو تحاشى الإنسان هذا القول: توكلت على فلان وأبدله بقوله: وكلت فلانًا لكان خيرًا.
١١ - كفاية الله سبحانه لمن توكل عليه، لقوله: {كَفَى}، وهذا كقوله: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣].
وذكر بعض المفسرين على قول الله تبارك وتعالى عن يوسف أنه قال للذي نجا منهما: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: ٤٢]، أن الله تعالى، قدَّر أن ينسى هذا الرجل الموصى؛ لأن يوسف لما قال: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: ٤٢] صار في هذا نوع اعتماد على هذا السيد، هكذا زعم هذا القائل والله أعلم، وقد يقال: إن الله سبحانه قدَر أن يَنسى هذا الرجل من أجل ابتلاء يوسف حتى يتم له الصبر بأنواعه الثلاثة.
* * *

الصفحة 14