كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

وكلاهما صحيح؛ أي: من يشفع شفاعة حسنة شرعًا، أو حسنة باعتبار المشفوع له، والآية تحتمل المعنيين، وإذا كانت الآية تحتمل معنيين لا منافاة بينهما فالواجب حملها عليهما جميعًا، لما في كلام الله عزّ وجل من سعة المعنى، أما إذا كان أحدهما لا يتفق مع الآخر فالواجب طلب المرجح ليؤخذ به.
وقوله: {حَسَنَةً}، الحسنة: ما يحسن فعله من قول أو فعل.
قوله: {يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا}: أي: حظ وجزء، مما شفع؛ لأنه أعان على الخير على أحد الإحتمالين السابقين، أو نصر أخاه على الإحتمال الثاني.
وقوله: {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً} يقال فيها كما قيل في الأولى: فمن يشفع شفاعة سيئة؛ أي: يشارك ذا سيئة في سيئته؛ أي: فيكون شفعًا له، أو المعنى: يشفع لأحد شفاعة سيئة، مثل أن يشفع له في الوصول إلى شيء محرم، فهذه شفاعة سيئة.
وقوله: {يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} الكفل: هو النصيب، وإذا كان هو النصيب فلماذا غاير الله سبحانه بين الحسنة وبين السيئة، فقال في الحسنة: نصيب، وقال: في السيئة: كفل.
الجواب: قيل: إن الكفل هو النصيب فيما يسوء، والنصيب: هو الحظ فيما ينفع، وقيل: إنما غاير بينهما من أجل اختلاف اللفظ؛ لأن اختلاف اللفظ من أساليب البلاغة، حيث لا يتكرر اللفظ مع اللفظ الآخر في مكان واحد.
فعلى المعنى الأول: يكون الخلاف بين النصيب والكفل خلافًا معنويًا، وعلى الثاني: يكون خلافًا لفظيًا، لكن المعنى

الصفحة 37