كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

إذًا قوله: {مُبِينًا} هنا نقول: ما دامت صالحة للمتعدي واللازم فهي من المشترك، ويجوز أن نستعملها في المعنيين لعدم التنافي بينهما.

من فوائد الآية الكريمة:
١ - فيها دليل على تعنت أهل الكتاب، وإنما قلت ذلك لأن هذا اللفظ المطابق للقرآن، وكلما أمكن أن نأتي باللفظ الذي هو لفظ القرآن والمطابق له فهو أولى.
٢ - دفاع الله تعالى عن الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه سلاه بقوله: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ}، وإلا فإن الرسول عليه الصلاة والسلام إذا طلب منه أهل الكتاب أن ينزل عليهم كتابًا من السماء - وهم أهل كتاب - ولم يفعل، من المعلوم أن هذا سيكون في قلبه حرج منه؛ لأن أهل الكتاب معروفون عند الجاهليين بالعلم؛ لما في أيديهم من الكتب، فإذا قالوا: أنزل علينا {كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ} ولكنه لم يفعل لا بد أن يكون في قلبه شيء، وسوف يلحقه من الغم والهم ما يلحقه، فدافع الله عنه وقال: لا تتعجب ولا تستكبر هذا السؤال {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ}.
٣ - أن بني إسرائيل كما آذوا موسى آذوا محمدًا عليه الصلاة والسلام، يعني: أهل الكتاب كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: ٦٩] آذوا الرسول محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، فهموا بقتله كما في قصةِ بني النضير، وكذلك فعلوا في الواقع، إذ أهدوا إليه في خيبر شاة فيها سم، ولاكها ولكنه لفظها، إلا أنها أثرت في لهواته عليه الصلاة

الصفحة 412