كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

خبر على ظاهره؟ الجواب فيه قولان للعلماء، والصحيح: أنه خبر على ظاهره.
وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ} {مَنْ} مبتدأ، وقوله: {أَصْدَقُ} خبر، والإستفهام هنا بمعنى النفي؛ أي: لا أحد أصدق من الله حديثًا.
وقوله: {حَدِيثًا} تمييز؛ لأنها وقعت مبينة لاسم التفضيل، وكل ما وقع مبينًا لاسم التفضيل فهو تمييز؛ لأن التمييز يبين ما انبهم من الذوات.
يقول الله عزّ وجل: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} وهذا خبر من أصدق الأخبار، فإنه لا إله إلا الله، والإله بمعنى المألوه أي: المعبود حبًا وتعظيمًا.
وقال بعضهم: إن الإله من قُصِد بالعبادة، وليس المألوه حبًا وتعظيمًا، واستدلوا بحديث أبي واقد الليثي - رضي الله عنه -، حين قالوا: اجعل لنا ذات أنواط، فأنكر عليهم - صلى الله عليه وسلم - بالآية (¬١)، فهم لم يحبوها وإنما أرادوا التبرك بها، فكيف نجيبهم؟
الجواب: نجيب عن هذا بأنهم قالوا: اجعل لنا ذات أنواط للتبرك بها، وهذا يتصل بتوحيد الربوبية، ثم إن قولنا: حبًا وتعظيمًا إنما هو للإله الحق، وقد يكون للباطل بما قام في قلب العابد من شبهة، فقد يحب الأصنام ويعظمها, ولهذا افتخر بها أبو سفيان في أُحد، وقال: أعل هبل، ولهذا كان يحلفون بها، وكل هذا يدل على تعظيمها, لكنها ليست أهلًا للتعظيم.
وقوله: {إِلَّا هُوَ} الضمير يعود على الله عزّ وجل، فلا
---------------
(¬١) رواه الترمذي، كتاب الفتن، باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم (٢١٨٠).

الصفحة 43