كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

يؤكدون الحكم فيما إذا كان المخاطب منكرًا، ويقولون: إنه يجب أن يكون الكلام مؤكدًا.
السبب الثاني للتأكيد: أن هذا من أهم الأمور، وكلما كان الشيء مهما كان توكيده أوكد، حتى لا يبقى في النفوس شك أو تردد، ولا شك أن من أهم الأمور بعد الإيمان بالله أن تؤمن باليوم الآخر؛ لأن من لم يؤمن باليوم الآخر لا يمكن أن يعمل، فإذا قال: {مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} [الجاثية: ٢٤] فما الفائدة من العمل، فصار التوكيد هنا لسببين.
وقوله: {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} يوم القيامة هو اليوم الذي يبعث فيه الناس، وسمي يوم القيامة لأمور ثلاثة:
الأول: أن الناس يقومون فيه من قبورهم لله، قال الله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)} [المطففين: ٦].
الثاني: أنه يقام فيه العدل، لقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: ٤٧].
الثالث: أنه يقوم فيه الأشهاد، لقوله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١)} [غافر: ٥١]، ولهذا سمي هذا اليوم {يَوْمِ الْقِيَامَةِ}، وله أسماء كثيرة في القرآن، يذكره الله تعالى بها حسب ما يقتضيه السياق.
وقوله: {لَا رَيْبَ فِيهِ} الريب هو الشك مع القلق، وهذه الجملة خبرية في ظاهرها, لكن اختلف المفسرون هل هي خبرية محضة أو هي خبرية طلبية أي: أنها خبر بمعنى النهي؟ الجواب في ذلك قولان، والراجح: أنها خبرية محضة؛ لأن الخبر

الصفحة 45