كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

سيؤتيه أجرًا عظيمًا لا يتصور عظمته، لقوله: {أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا}.
١٤ - علو مرتبة هؤلاء المتصفين بهذه الصفات، يؤخذ ذلك من الإشارة إليهم بإشارة البعيد {أُولَئِكَ} ولم يقل: هؤلاء، ولم يقل: فإننا سنؤتيهم، بل قال: {أُولَئِكَ} والإشارة إلى المشار إليه بالبعد تدل على علو مرتبته، كما في قوله تعالى: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢)} [البقرة: ١، ٢] مع أنه بين أيدينا، لكن لعلو مرتبته أشير إليه بإشارة البعيد.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الراسخين في العلم، المؤمنين بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبلنا.
* * *

* قال الله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣)} [النساء: ١٦٣].
{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} {إِنَّا} الضمير يعود إلى الله عزّ وجل، وجاء بصيغة الجمع للتعظيم.
وقوله: {أَوْحَيْنَا} الوحي هو: الإعلام بسرعة وخفاء، والمراد به هنا: إعلام الله تعالى أنبياءه ورسله بشرعه الذي يتعبد به عباده، فهذا هو الوحي، وقد ذكر الله عزّ وجل في سورة "الشورى" أنه ثلاثة أقسام، فقال: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا

الصفحة 477