يبشر عامل هذا العمل بالثواب، والذي يناسب النواهي هو الإنذار؛ فينذر الإنسان من الوقوع فيها، ولهذا كانت أنواع التكليف اثنين: أمر ونهي، فالذي يليق بالأمر البشارة، والذي يليق بالنهي الإنذار، وهذا ما جاءت به الرسل، البشارة والإنذار، حتى محمد عليه الصلاة والسلام جاء بذلك، كما قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: ٤٥].
وقوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} اللام هنا في قوله: {لِئَلَّا} للتعليل؛ أي: لأجل ألا يكون {لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} والحجة: ما يحتج به الغير على آخر، لدفع الملامة، ورفع العقوبة عنه، هذه هي الحجة، يعني: الدليل أو البينة أو ما أشبه ذلك.
وقوله: {بَعْدَ الرُّسُلِ} أي: بعد إرسال الرسل؛ لأن الرسل عليهم الصلاة والسلام يبينون للناس بيانًا تامًا لا يحتاج معه إلى إيضاح، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [إبراهيم: ٤]، فلا بد من البيان على كل رسول، {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}.
وقوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} فلعزته أرسل الرسل، وجعل النصر لهم في الدنيا والآخرة، ولحكمته شرع الشرائع وأحكمها وأتقنها.
من فوائد الآية الكريمة:
١ - بيان حال الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنه لا تخلو رسالتهم من بشارة ونذارة، حسب الأوامر والنواهي.