كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

تأثير الأسباب إطلاقًا، وقال: لا أثر للسبب في المسبب، حتى كابروا المعقول والمحسوس، وقالوا: لو رميت الزجاجة بحجر فانكسرت فإن الحجر لم يكسرها ولكن انكسرت الزجاجة عنده لا به، قالوا: لأننا لو أثبتنا تأثير الأسباب لأثبتنا خالقًا مع الله، سبحان الله! وهذا القول إذا نسب للإسلام سوف يكون مثارًا للقدح في الإِسلام؛ لأن غير المسلمين يشاهدون أن الأسباب تؤثر.
الطرف الثاني: من يقول: إن الأسباب لها تأثير بمقتضى طبيعتها لا بأن الله سبحانه جعل فيها القوة المؤثرة، وهؤلاء قد ضلوا وأشركوا، وجعلوا مع الله شريكًا، وهؤلاء أيضًا على ضلال.
والقسم الثالث: الذين قالوا: إن للأسباب تأثيرًا بما أودع الله فيها من القوة الفاعلة، وليست هي التي تفعل، وهؤلاء هم أهل الحق وأهل الصواب، فالله تعالى هو الذي جعل الإحراق في النار فتحرق، وجعل الكسر في الحجر الذي يقع على الزجاج فينكسر.
والدليل على هذا: أن الله تعالى قال في نار إبراهيم: {كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: ٦٩]، وطبيعة النار الحرارة والإحراق والإهلاك، لكن قال لها: {كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} فكانت بردًا وسلامًا عليه.
إذًا: الأسباب لا تؤثر بذاتها, ولكن بما أودع الله فيها من القوى الفاعلة.
٤ - أن الأعمال قد تكون سببًا لردة الإنسان بكثرة معاصيه،

الصفحة 52