كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

فالسيئة تجذب السيئة، والصغائر بريد الكبائر، والكبائر بريد الكفر، وهذا واضح، يؤخذ هذا من قوله: {أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا}، فإذا رأيت من نفسك إركاسًا - والعياذ بالله - فانتشلها بالتوبة والإستغفار لله عزّ وجل، وسؤال الله الثبات، ولا تتهاون، ولا تقل: إن شاء الله سيقوى إيماني، بل من الآن، من حين أن تحس بالمرض فعليك بالدواء.
٥ - الرد على الجبرية، ويؤخذ من قوله: {بِمَا كَسَبُوا}، فأثبت لهم كسبًا، والجبرية يقولون: إن الإنسان لا كسب له، وعمله مجبر عليه.
٦ - الرد على القدرية أيضًا، ويؤخذ من قوله: {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ}، والقدرية يقولون: إن أفعال العباد لا علاقة لتقدير الله بها إطلاقًا، فصار في الآية رد على كلتا الطائفتين المنحرفتين المبتدعتين، وأهل السنة والجماعة يقولون: للإنسان فعل ينسب إليه حقيقة، والمقدر لهذا الفعل هو الله عزّ وجل، وهذا هو المطابق للمنقول والمعقول والمحسوس.
٧ - توبيخ أولئك المؤمنين الذين يريدون أن يهدوا من أضل الله، لقوله: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}.
فإن قال قائل: يشكل على هذا إشكالًا كبيرًا الدعوةُ إلى الله عزّ وجل، ومحاولة إصلاح الخلق، فإن الداعي يريد أن يهتدي المدعوون؟
فيقال: الجواب عن هذا: أن الله أنكر على هؤلاء الذين يشاهدون أن الله أضل هؤلاء بالنفاق - والعياذ بالله -! ويحاولون أن يحكموا بإسلامهم، ويقولون: إنهم مسلمون كما هي الفئة الثانية.

الصفحة 53