كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

الإستفتاء طلب الإفتاء، والإفتاء هو: الإخبار عن حكم شرعي أو غير شرعي أيضًا؛ لأن الإنسان قد يستفتي في أمور دنيوية، والفاعل في قوله: {يَسْتَفْتُونَكَ} الصحابة، والكاف في قوله: {يَسْتَفْتُونَكَ} يعني: الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقوله: {قُلْ} مجيبًا لهم.
قوله: {فِي الْكَلَالَةِ} متعلقة بقوله: {يَسْتَفْتُونَكَ}، و {يُفْتِيكُمْ}؛ لأننا قلنا: لا مانع من أن يتسلط عاملان على معمول واحد كما هو مذهب الكوفيين، وعلى هذا فنقول: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}، أما على رأي البصريين، فيقولون: إن قوله: {فِي الْكَلَالَةِ} متعلق بـ {يُفْتِيكُمْ} و {يَسْتَفْتُونَكَ} حذف منها معمولها، ولم يكن فيها الضمير؛ لأنه ليس عمدة.
والإستفتاء عن الكلالة ما هي؟ فبين الله تعالى ما هي الكلالة بذكر المسألة التي تتضمنها، وأصل الكلالة: مأخوذة من الإكليل، وهو ما أحاط بالشيء، ولهذا نقول في تفسيرها: هم الحواشي؛ لأن قرابات الإنسان ثلاث شعب: شعبة منه، وشعبة أصل له، وشعبة من آبائه وأجداده، فالشعبة التي منه تُسمى الفروع، والشعبة التي هو منها تُسمى الأصول، والشعبة التي من أبائه وأجداده تُسمى الحواشي، وعلى هذا نقول: المراد بالكلالة: الحواشي: الأخ وأبناؤهُ، والعم وأبناؤهُ، سواءً كان عمك أو عم أبيك أو عم جدك، هؤلاء هم الكلالة، ولهذا فسرها الصديق - رضي الله عنه -، بما ذكروا عنه أنها: "من لا ولد له ولا والد".

الصفحة 535