كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

وقوله: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}، {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} {إِنِ}، شرطية، وأدوات الشرط لا تدخل إلا على الأفعال، وهنا دخلت على اسم {إِنِ} وهذا موضع خلاف، فعلى رأي من يرى أن الشرط لا يدخل إلا على الأفعال فيقول: {إِنِ امْرُؤٌ} فاعل لفعل محذوف، والتقدير "إن هلك امرؤ"، ولكن هناك قول آخر، وهو أن أدوات الشرط تدخل على الأسماء، لورود ذلك كثيرًا في اللغة العربية؛ كقوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١)} [الإنفطار: ١]، وقوله: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)} [الإنشقاق: ١]، وقوله: {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢)} [الإنفطار: ٢] وأمثلة هذا كثيرة، فيقول: لا مانع من أن تدخل أداة الشرط على الأسماء.
وهناك رأي ثالث يقول: إن الذي يلي "إن" الشرطية يكون معمولًا للفعل الذي بعدها، فإن كان فاعلًا فهو فاعل مقدم، وإن كان نائب فاعل فهو نائب فاعل مقدم، وإن كان منصوبًا فهو مفعول مقدم، ولا مانع.
وعلى كل حال فالذي نرى أنه إذا اختلف النحاة في شيء فإننا نتبع الأسهل.
وقوله: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} أي: مات، قوله: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} لا ذكور ولا إناث؛ لأن الولد نكرة في سياق النفي فيعم.
وقوله: {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} أي: {أُخْتٌ} شقيقة أو لأب، ولم يذكر الأخت من الأم؛ لأن الأخت من الأم ذكرها الله تعالى في أول السورة فقال: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ

الصفحة 536