كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧]، ويقال: في توجيهه ما قيل في توجيه السبيل.
وقوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} أي: تولوا عن الهجرة في سبيل الله، {فَخُذُوهُمْ} يعني: إذا وجدتموهم فخذوهم أسرى، بدليل قوله: {وَاقْتُلُوهُمْ} فالأخذ أسر، والقتل إزهاق الروح، قوله {حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} أي: في أي مكان وجدتموهم، سواء وجدتموهم في البر أو في بلادهم أو في غير ذلك، ما داموا لم يهاجروا في سبيل الله وتولوا عن سبيل الله.
وقوله: {وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} كررَّه مرة أخرى إما تمهيدًا لقوله: {وَلَا نَصِيرًا} وإما من باب التوكيد، وإما للأمرين جميعًا؛ لأن قوله: {وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا} هو كقوله: {فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ}، لكن هنا زاد قال: {وَلَا نَصِيرًا}.
والفرق بين الولي والنصير: أن النصير هو من يدافع عنك ممن يعتدي عليك، فهو ينصرك، وأما الولي فهو الذي يتولاك بالعناية، وبتحصيل مطلوبك ودفع مرهوبك.

من فوائد الآية الكريمة:
١ - أن الكفار يودون بكل المحبة أن يكفر المؤمنون كما كفروا، لقوله: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا}، ويتفرع على هذه الفائدة أنهم إذا كان هذا ودهم فسوف يسعون إليه بكل وسيلة، سواء كانت الوسيلة في تدمير الإقتصاد، أو بالسلاح، أو بنشر الأخلاق الرذيلة السافلة؛ لأن الأخلاق الرذيلة السافلة إذا انتشرت في الأمة فعليها الوداع.
المهم أننا ما دمنا نعلم أنهم يودون أن نكفر كما كفروا

الصفحة 58