كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

الشرط، والجواب جملة منفية؛ لأن {مَا} نافية و {أَرْسَلْنَاكَ} فعل ماضٍ.
أما وجه اقتران الجواب بالفاء في الجملتين فلأنه لا يصح أن يكون الجواب شرطًا، وإذا كان الجواب لا يصح أن يكون شرطًا وجب اقترانه بالفاء، كما قال ابن مالك في ألفيته:
واقرن بفا حتمًا جوابًا لو جُعل ... شرطًا لإن أو غيرها لم ينجعل
وقد ذُكر ذلك في بيت من الشعر وهو:
اسمية طلبية وبجامدٍ ... وبما وقد وبلن وبالتنفيس
يقول الله عزّ وجل: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} "ال" في قوله: {الرَّسُولَ} للعهد الذهني، وهو محمَّد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن القرآن نزل في عهد رسالته، ويصح أن نقول: إنه عام يشمل كل رسول، وعلى هذا فتكون "ال" للعموم وليست للعهد، لكن يُضعف هذا الإحتمال قوله: {وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ}؛ لأن هذا الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى هذا فالمراد بالرسول محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وتكون "ال" للعهد الذهني.
وقوله: {فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} أي: أن طاعة الرسول طاعة لله عزّ وجل، فإذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمر فأطعناه فنحن قد أطعنا الله.
وقوله: {وَمَنْ تَوَلَّى} يعني: لم يطع الرسول: {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}؛ لأن عليك البلاع، وقد بلغت، وحفظ الناس وأعمالهم إلى الله عزّ وجل.

الصفحة 6