كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 2)

بالمقاتلة، وهل شاء الله ذلك؟ الجواب: لا. لأنهم لم يقاتلوا المسلمين.
وقوله: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ} فسرها بقوله: {فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ}؛ أي: اعتزلوكم فلم يكونوا معكم، ولم يقاتلوكم، وألقوا إليكم السلم؛ أي: السلام.
وقوله: {فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} لأنهم قوم مسالمون لم يقاتلوكم، ولم يقاتلوا قومهم، فهؤلاء مسالمون.
وقوله: {فَمَا جَعَلَ} هذه جواب الشرط في قوله: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ}، ومعنى {سَبِيلًا} أي: طريقًا يبيح لكم قتالهم.

من فوائد الآية الكريمة:
١ - استثناء هؤلاء الصنف من الناس ممن أمرنا بقتالهم، وهم طائفتان: طائفة وصلوا إلى قوم بيننا وبينهم ميثاق ودخلوا فيهم.
والطائفة الثانية: قدموا وجاءوا إلينا فلم يقاتلونا مع قومهم، ولم يقاتلوا قومهم معنا، فهم مسالمون.
٢ - تمام وفاء الإِسلام بالعهد، حيث حمى العهد لمن باشر عقد العهد معنا ومن لجأ إليه، ويؤخذ من قوله: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} الآية.
٣ - أن من سالمنا سالمناه؛ لقوله: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ}، وفي الجهاد تكون الهدنة، وهل يصح أن تزيد على عشر سنوات؟ الصحيح: أنه تصح الهدنة المطلقة المبنية على ضعفنا، ولنا إذا قوينا أن ننبذ إليهم.

الصفحة 62